حكاية قميصي الجميل

TT

لم أكن أحاول أن أتفلسف، كما يقول أحد القراء عندما سمعني في الإذاعة أتحدث عن الأزياء، رغم أنه من الممكن أن أفعل ذلك فقد تعلمت الفلسفة وعلمتها لألوف غيري أيضا.

الموضوع هو أن المذيعة سألتني سؤالا مفاجئا عن الزي الذي أرتديه، ولم يكن شيئاً غير عادي فهو قميص وبنطلون، والقميص له جيوب، ولا أذكر أنني ارتديت الجاكت والكرافتة إلا مضطراً جداً.

فقلت: إنني لا أعرف اسم هذا القميص، فقد سمعت من يقول إن اسمه «بوش ـ شيرت» أي قميص الغابة.. فقد كان الرجل الأبيض يرتديه في الغابات أو في الرحلات لأنه أكثر من قميص وأقل من جاكتة.. ولا أعرف مدى صحة هذا التعبير.

وإن كنت ـ وهذه هي بداية التفلسف ـ أعتقد أن هذا القميص نسب إلى رجل إنجليزي مات عن 62 عاماً سنة 1840 هذا الرجل كان وجيهاً ووسيماً أيضا، واسمه بروميل.. وكانوا يسمونه «بو» أي الرجل الجميل الأنيق الذئب.

وكان هذا الرجل سيد الأناقة في لندن، وكان مبتكراً في زيه، بل إنه كان «المانيكان» لكل الطبقة الارستقراطية بما فيها أمير ويلز الذي أصبح بعد ذلك الملك جورج الرابع.

هذا الرجل «بو» كان يبعث بالجاكت عند ترزي والقميص عند ترزي والصديري عند ترزي ثالث والبنطلون عند ترزي رابع.. وكسب الكثير في عالم المرأة، وخسر الكثير في عالم الفلوس، ومات مديناً، بل إنه هرب من الدائنين إلى فرنسا، وعيّنه الملك قنصلا عاما لبريطانيا في ميناء كاليه..

بل إن هذا الرجل «بو» بروميل افتتح دارا للأزياء وتعليم الأناقة.

والقميص الذي أرتديه نسب إليه ولذلك سمي «بو ـ شيرت»، أي قميص بو.. وعلى ذلك فالقميص اسمه «بو ـ شيرت» وكان من متاعب خادم السيد «بو» هذا أن يجعل القميص مكوياً، فقد كان يضع فوقه الحقائب وبعض أدوات البيت ثم يقف عليها.. أو يضع البنطلونات بين المراتب، كما كنا نفعل ونحن تلامذة صغار.

والقميص بهذه الصورة البسيطة فرعوني يرجع إلى ثلاثة آلاف سنة، ولكنه نسب إلى السيد «بو».

ولم يكن هذا السؤال المفاجئ من المذيعة إلا نوعاً من الإحراج واختباراً في المعلومات العامة.

أما الكلمة الوحيدة التي حذفتها من كل هذا المقال فهي كلمة «ربما»، فقد أسرفت فيها من باب الاحتياط، فلم أكن على يقين تام مما أقول.. والله أعلم!