العراق.. امنح السنّة الأمن والأسلحة لمواجهة «القاعدة»

TT

خلال جلسة معركة الوسائد الليلية المطولة لمجلس الشيوخ الاسبوع الماضي كانت تحدث في العراق تطورات متلاحقة اكثر من مجرد مسألة زيادة عدد القوات الاميركية العاملة هناك. فالجنرال ديفيد بتراوس والسفير ريان كروكر شرعا في خطوات تتعلق بتغيير سياسي اساسي، يمكن ان نسميه «حل بنسبة 20 في المائة».

ظلت واشنطن تنتظر منذ الانتخابات العراقية في ديسمبر 2005 مصادقة الحكومة العراقية على الاتفاقيات الخاصة بالنفط والفيدرالية واجتثاث البعث بغرض توحيد البلاد وتهدئة الأوضاع. اثبتت حكومة المالكي انها طائفية الى حد بعيد وضعيفة وأكثر ميلا الى المصالح الايرانية على نحو لا يمكّنها من أداء المهام المنوطة بها بصورة فاعلة.

وأشار الديمقراطيون الى هذا العجز كسبب في التخلي عن المهام المراد تنفيذها والخروج من العراق، هذه فكرة مثيرة للاهتمام، لكنها ستلحق ضررا بمصالحنا. تبعا لذلك، توصل بتراوس وكروكر الى ان الخطة (ب) يمكن ان تساعد على تهدئة الاوضاع في البلاد منطقة تلو الأخرى، خصوصا من خلال إشراك السنّة في محاربة تنظيم «القاعدة». بدأ ذلك يحدث في الأنبار وديالى، اولا لأن مسلحي «القاعدة» أجانب. نحن ايضا اجانب، إلا اننا ـ السبب الثاني ـ على العكس منهم لسنا همجيين. أننا لا نبتر الأصابع ونستمتع بتقطيع الأوصال ونقتل الشيعة بغرض التسلية.

ثالثا، أهداف «القاعدة» ليست السنّة. أتباع «القاعدة» يريدون حربا بلا توقف وعودة للخلافة. وفي نهاية الأمر انهم يعيشون كي يموتوا. سنة العراق لا يتطلعون الى 72 حورية في الجنة، وإنما يريدون التوصل الى اتفاق، وربما مجرد البقاء عقب مغادرة القوات الاميركية. لهذا السبب قبل كثير من السنّة عرض بتراوس وانخرطوا في قتالنا ضد «القاعدة» وزودناهم بأسلحة ودعم عسكري. بذلك يمكن ان يخلصوا انفسهم من سرطان «القاعدة». وعندما تغادر أميركا العراق سيصبحون في وضع يمكّنهم من الدفاع عن انفسهم في مواجهة الغالبية الشيعية ـ الكردية التي تشكل 80 في المائة.

الوضع الجديد يشكل نجاحا بالنسبة لنا، إذ ان إلقاء القبض مؤخرا على قيادي عراقي بارز في «القاعدة» لم يكن صدفة، ذلك ان اعتقال مثل هذه العناصر لا يتم إلا من خلال توفر معلومات استخباراتية جيدة، ومثل هذه المعلومات لا تتوفر إلا عندما ينقلب السكان على الارهابيين.

ومكان القبض عليه ـ الموصل ـ له دلالات كثيرة. فالموصل هي المكان الذي تصل اليه اذا كنت قادما من الانبار وديالى وليس لك مكان اخر تذهب اليه. فأنت لا تذهب الى الجنوب الشيعي او الشمال الكردي حيث ستتعرض للقتل على يد السكان المحليين.

والاتهام ضد استراتيجتنا القديمة للحرب هو اننا كنا نلعب لعبة لا طائل من ورائها، فهم يهربون من مكان ثم يثبتون اوضاعهم في مكان اخر. اما خطة بتراوس فهي تعمل على القضاء على كل ملاجئ «القاعدة». لقد انتظرنا فترة انتقالية استغرقت 18 شهرا من اجل حل 80 في المائة ـ لكي يتواصل التحالف الشيعي الكردي بزعامة المالكي مع السنة. وخطة بتراوس ـ كروكر هي حل العشرين في المائة: اخرج السنة من التمرد بمنحهم الامن والأسلحة لمواجهة العدو المشترك الجديد ـ القاعدة في العراق. والمالكي وشركاه يخشون من اننا نسلح السنة من اجل الحرب الاهلية القادمة. ومن ناحية اخرى، ربما نتسبب في خلق توازن صعب للقوى يمكن ان يكون قوة ردع ضد حرب اهلية شاملة ويشجع حدوث توازن سلمي نسبي. وفي الحالتين، سيصبح ذلك مشكلة العراق بعد ان نغادر. وفي الوقت الراهن فإن مشكلتنا هي القاعدة في الجانب السني والميليشيات المتطرفة في الجانب الشيعي. وربما يستمع الديموقراطيون لفهم مدى تغير الوضع تغييرا كبيرا على ارض الواقع، ويفكرون مرتين قبل القضاء على هذه «الرؤية الاميركية الخالصة» المعقدة والقاسية والواعدة.

* خدمة كتاب

«واشنطن بوست» ـ

خاص بـ«الشرق الأوسط»