احذر أن تنشطر فتصبح اثنين!

TT

في بداية هذا العام اكتشف بالصدفة مواطن سعودي بسيط اسمه فيصل الصريصري أن شخصا آخر تشادي الجنسية قد انتحل شخصيته، وعمل كمواطن في مكتب أحد الوزراء السعوديين على مدى سبع سنوات بدخل وظيفي يصل إلى ضعف راتب المواطن الذي يعمل في القطاع الخاص براتب لا يتجاوز ألفي ريال، ولم يكشف ذلك المنتحل إلا حينما تورط في قضية مخدرات، وفر هاربا لتجد السلطات الأمنية نفسها تبحث عن مواطن بريء لا علاقة له بجرم الشخص المنتحل («الاقتصادية» 29/1/2007).

وقبل أيام تكرر نفس السيناريو؛ إذ نشرت «عكاظ» في عدد السبت 28/7/2007 خبرا مماثلا، حيث قادت الصدفة سيدة سعودية تعمل في مجال التعليم لأكثر من 13 سنة لاكتشاف أن هناك امرأة افريقية استغلت بطاقة أحوالها واسمها لتعمل في وظيفة خدمية بمطار الملك عبد العزيز بجدة لمدة تجاوزت العامين، وكانت السيدة السعودية قد تعرضت لحادثة سطو قبل عامين من لصوص أفارقة سلبوا شنطتها وبداخلها بطاقة أحوالها التي استغلتها المرأة الأفريقية في العمل بالمطار.

في الحالتين قادتنا الصدفة إلى اكتشاف المنتحلين في مواقع تتسم بشيء من الحساسية؛ فالأول كان يعمل في مكتب وزير، والثانية تعمل في مطار الملك عبد العزيز بجدة، وكلتا الوظيفتين ـ مهما تواضعت ـ يفترض أن يخضع المتقدم إليها إلى نوع من التوثيق الأعمق لشخصيته وتاريخه وأوراقه الثبوتية، إذاً لا أعتقد أن كل ما يحتاجه الموظف للحصول على الوظيفة بطاقة الأحوال فقط، وكنت أتخيل أن الأمر يحتاج إلى تعريف بالشخص المتقدم للوظيفة، وشهادة حسن سيرة وسلوك من جهات مرجعية ونحوهما، لكن يبدو أن شيئا من ذلك لم يطبق على طالبي الوظائف، وما يثير استغرابي حصول المنتحلين على هاتين الوظيفتين بذلك القدر من السرعة في الوقت الذي يبحث فيه الآلاف من المواطنين الشباب عن الوظائف من دون جدوى، فهل هي الصدفة أيضا سهلت لهما الحصول على الوظيفتين؟!

ولست أدري هل خيال بورخيس الإبداعي حينما قال: «بينما ننام هنا نكون مستيقظين في مكان آخر، كل شخص شخصان» قد بدأ يتحقق هنا، فيصبح للبعض منا «دوبليره» الذي يحمل اسمه وهويته وسجله، بل وصحيفة سوابقه إن وجدت؟!

فاللهم آمنا على أسمائنا وشخصياتنا وبطاقات أحوالنا.

[email protected]