مهازل غزة: كهرباء وصواريخ

TT

المهزلة الكبرى اليوم ان قوات حركة حماس هي التي تحرس اليوم حدود اسرائيل مع قطاع غزة، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح هي التي تقصف البلدات الاسرائيلية بالصواريخ. أما اسماعيل هنية، رئيس دولة غزة، او رئيس الانقلاب، فقد خطب بالأمس معلنا ان هناك مؤامرة محلية وعربية ودولية لإفشال حماس من اجل افشال النموذج الاسلامي في الحكم.

ولعل من المفيد ان يراجع العالم هذا النموذج الاسلامي المزعوم من الحكم الذي يخيف العالم. نظام لا يستطيع حتى ان يؤمن كهرباء الا بديزل يصله من اسرائيل، ويدفع ثمنه هبة من الاتحاد الاوروبي. ونموذج حماس هذا يعجز عن تشغيل الكهرباء التي اخترعت منذ اكثر من مائة وأربعين سنة. نموذج لا يحارب، ولا يحرر، ولا يسالم، ولا يؤمن للناس ادنى اسباب الحياة الكريمة البسيطة، وكل ما فعلته قيادة حماس هو لوم السلطة الفلسطينية، رغم انها هي التي انقلبت عليها، وطردتها من غزة. تريد من السلطة الفلسطينية ان تدفع لها ثمن الكهرباء، والغاز، ومرتبات موظفيها، فأي نموذج هذا يمكن ان يخيف الحكومات الاقليمية. الحقيقة ان لا علاقة له بشيء من التاريخ والدين، بل حكم يمثل اصحاب الحكم انفسهم.

ويبرر مسؤولو حماس انخفاض شعبيتهم عند الشعب الفلسطيني بأنه بسبب الحصار، قطع الكهرباء وإغلاق المعابر مع الخارج، وحرمانهم من المساعدات المالية الدولية. وهنا نسأل اذا كان الشعب الفلسطيني مقتنعا حقا بحماس، هل يعقل ان يقيم رأيه فيها بالدولار او الكهرباء؟ على مر التاريخ كل الحركات الشعبية قادت جماهيرها على بطون خاوية، ودفع الناس الثمن بدمهم وليس بعشر ساعات كهرباء، او رحلة عبور الى مصر. الحقيقة ان الغزاويين الذين كانوا قد ضاقوا ذرعا بفساد فتح، وهبوا لتنصيب حماس محلها، وجدوا ان الثانية ليست بأفضل حالا وممارسة. فقوات حماس الامنية تمارس القمع، وتداهم البيوت، وتفسد افراح الزواجات، وتعاقب كل من تسمع انه يتحسر على زمن فتح. كما ان الذين ساندوا حماس من اجل قتال اسرائيل اكتشفوها منظمة مخصية، لم تنفذ عملية واحدة منذ سنتين، بل صارت سببا للشقاء، والمعاناة، والخلافات، وقطع الأواصر العائلية.

وإذا كان نموذج حكم حماس يخيف الحكومات في العالم، فمن الواضح انه لا يخيف اسرائيل التي تعيش هانئة، وهادئة، منذ ان تولت حماس الحكم، مقارنة بما كانت الاوضاع عليه قبل عامين، ايام السيارات الانتحارية، والنساء المفخخات. خدمت حماس اسرائيل بما عجز عنه قادتها العسكريون في خمسين عاما عندما فتحت النار على قوات فتح، وأعدمتهم في الشوارع، ورمت رجالهم من الادوار العليا من العمائر، وحاصرت عوائلهم. نجحت فقط في الغاء مليون ونصف مليون فلسطيني، هم سكان غزة، من قائمة مواطني السلطة الفلسطينية. بالتأكيد هذا النموذج يخيف الحكومات العربية، والفلسطينيين في الداخل، لأنه اوضح دليل على انه لم تعد هناك محرمات ابدا.

[email protected]