قالوا لي: أرسل وروداً ولا تذهب إليها!

TT

شعرت بنار الحريق وبدخانها أيضاً. وحزنت. ولكن قضي الأمر. فقد جاءت الأميرات بنات الملكة فريدة والملك فاروق وأحرقن كل خطابات الأم ـ خطابات فاروق ونازلي وأخوات الملك إلى فريدة, وخطابات بعض ضباط الثورة, وخطاب واحد من الرئيس عبد الناصر ـ رأيته بعيني وقرأته, وأدهشني ما قرأت, وثلاثة خطابات لي.. ومسودة لخطاب كانت الملكة فريدة قررت أن تبعث به الى السيدة جيهان السادات وعدلت عن ذلك.. وشاركتها في خطاب الى السيدة سوزان مبارك.. وغيرت وعدلت وبدلت فيه وترجمته أنا من الفرنسية الى العربية..

وكنت قد اتفقت مع الملكة فريدة رحمها الله، أن أكتب لها مذكراتها. ووافقت على أن تدافع عن زوجها الملك فاروق وعن نفسها, ورغم أنه جرح كبرياءها كثيراً، فإنها كانت تحبه. وترى أنه إنسان طيب جداً وطني جداً. وأن مصيبته الوحيدة ليست الحاشية فقط بل أمه الملكة نازلي!

وكانت الملكة فريدة (ملكة) بمعنى الكلمة. ذات هيئة وأبهة وتواضع وبساطة. كانت ملابسها بسيطة, ولكنها في هذه الملابس أكثر بساطة. وأما كلامها وسلامها وحركتها وقعودها وقيامها فملكة عظيمة الاحترام. وهي واقعية تماماً تعلم أن كل شيء قد راح وأراح, وأنها أصبحت بعيداً عن العرش والتاج ولكن الذين يعرفونها ويحبونها. يرونها على عرشها ويرون التاج الماسي على رأسها ووجهها الجميل وبريق عينيها وابتسامتها البديعة ـ هي لم تضع تاجاً ولم تجلس على عرش. ولكننا نحن الذين نفعل ذلك، دون علم منها، كلما رأيناها!

وهي مريضة طريحة فراش الموت بعد حقنة غير معقمة، أرسل إليها د. عاطف صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق باقة من الورد فأشارت بيديها الى إلقاء هذه الورود خارج الغرفة, فإن الذوق والأدب والبروتوكول يقضي بأن يجيء رئيس الوزراء بنفسه ففي كل الدول المتحضرة يفعلون ذلك!

ولما ذكرت د. عاطف صدقي بذلك قال: يا اخويا قالوا لي ابعث لها ورداً, ولم يقولوا لي اذهب إليها؟!