الشاعر إبراهيم ناجي لم يتهته.. أو يثأثئ

TT

في عموده بجريدة «الشرق الأوسط»، 22/8/2007، أفاد الأستاذ أنيس منصور، في سياق كلامه عن المثأثئين والمتهتهين، أن: «الشاعرين الكبيرين أحمد شوقي وإبراهيم ناجي.. كليهما كان يثأثأ ويتهته.. »، ولقد راجعت أستاذي الناقد والعلامة المدقق والدقيق وديع فلسطين، للتأكد من هذه المعلومة، فنفى تماما حالة الثأثأه والتهتهه عن الشاعر الرقيق المظلوم إبراهيم ناجي، وشهادة الأستاذ وديع فلسطين عن الشاعر إبراهيم ناجي لا يمكن لأحد الطعن فيها، فقد عرفه وديع فلسطين عن قرب منذ عام 1945 عندما قابله أول مرة في اجتماع تأسيس «رابطة الأدباء» حتى وفاته 25/3/1953 مقهورا متأثرا بقرار ظالم اتخذته حركة الضباط 23/7/1952 بفصله من وظيفته كمدير للإدارة الطبية لوزارة الأوقاف، متهما بعدم الإنتاج، ثم وضعه، وهو الشاعر الكبير، في صدر قائمة التطهير التي أعلنتها عام 1952.

وكما يقول صديقه وملخص سيرة حياته، الأستاذ وديع فلسطين: «كان لهذا القرار وقع نفسي صاعق على الدكتور ناجي، الذي كان يعالج الفقراء ويمنحهم من جيبه ثمن الدواء، والذي كان.. متوافقا مع صيدلية الحداد أسفل عيادته في شبرا، على أن تقدم الدواء للفقراء من مرضى الدكتور ناجي وتقيد ثمنه لحساب الدكتور المعالج! فهذا الطبيب العالم الإنسان قد وجب تطهيره وفصله من وظيفته من دون أن تتاح له فرصة للدفاع عن نفسه، ومن دون أن يجري أي تحقيق في هذه الفرية الظلوم التي زهدت ناجي في الحياة، ولم تلبث أن صرعته صرعة الموت.. ».

ويصف الأستاذ وديع فلسطين هذا المشهد ساردا: «.. زارني في المقطم ـ (جريدة المقطم) ـ .. ثم انفجر باكيا كالطفل، لا على وظيفة ضاعت منه، بل على وصمه بأنه أهل للتطهير، وإيراد اسمه في أول قائمة المُطهَّرين، وظل يجهش بالبكاء وأنا أواسيه إلى أن انصرف. كنت بعد انصرافه أتوقع قراءة نعيه في الصحف كل يوم، لأن حالته النفسية كانت في الحضيض، وقدرته على المقاومة قليلة بسبب هزاله المفرط، ولم يطل انتظاري إذ قرأت نعيه في الخامس والعشرين من مارس 1953 فبكيته كالطفل، وقلت للمعزين ونحن نتبادل العزاء: لقد مات ناجي لا اليوم بل في التطهير!».

في موسوعته الأدبية المهمة: «وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره»، التي أصدرتها دار القلم بدمشق عام 2003 في جزءين، أفرد الأستاذ وديع فلسطين، في الجزء الأول من موسوعته هذه الثرية، فصلين خصبين عن إبراهيم ناجي، الأول ص 27 تحت عنوان «الشاعر إبراهيم ناجي»، والثاني «الشاعر إبراهيم ناجي ورابطة الأدباء» ص 34، مصححا الكثير من الأخطاء المعلوماتية والافتراءات المشوهة التي ألحقت بمسيرة وسيرة شاعر الأطلال ناجي، والتي أضيف إليها أخيرا اتهامه بالثأثأه والتهتهه.