بعد ست سنوات يا شيخ؟

TT

بعد ست سنوات من أحداث 11 سبتمبر الدامية، وقرابة أربعة أعوام على أعمال الإرهاب في السعودية والعالم العربي والإسلامي، ومطاردة الإرهاب فيما لا يقل عن مائة وتسعين دولة حول العالم، وثلاث سنوات على سقوط نظام صدام حسين في العراق، خرج الشيخ الدكتور سلمان العودة في برنامجه التلفزيوني على قناة «إم.بي.سي» يبرأ إلى الله من أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» وأفعاله.

وللإيضاح فقط، ليس لديَّ موقف مسبق من الشيخ سلمان العودة، ولا أرد عليه، اليوم، منطلقا من آيديولوجية معينة، ولكن السؤال هو: بعد ماذا يا شيخ؟ بعد أن بات زعيم التنظيم الإرهابي شخصا لا بواكي له.

براءة الشيخ العودة من أسامة بن لادن جاءت في وقت لا يدفع فيه المتبرئ من زعيم «القاعدة» ثمنا ولا يخسر شيئا، كمن يخرج اليوم منددا بنظام صدام حسين البعثي، خصوصا أنه بعد ما كشف تنظيم «القاعدة» الإرهابي عن وجهه القبيح، صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر، دفع كل من تصدى لأسامة بن لادن ومريديه ثمنا باهظا.

يومها كفرت حكومات، واتهِمت بالعمالة، ونوديَّ بالخروج على السلطان. ويومها سمي رجال الدين الذين تصدوا وأدانوا بن لادن وفكره وأفعاله، بكل جراءة بشيوخ السلطة، وتم التطاول عليهم بشكل لافت ومثير.

كما كُفِّر المفكرون، والكتاب، والصحافيون، وشكك في صحفهم، وحرض ودعيَّ عليهم من على بعض منابر المساجد، واستبيحوا في مواقع التطرف ومعاقل الكراهية على الإنترنت.

هل يزعجنا اليوم تبرؤ الشيخ سلمان العودة من زعيم تنظيم «القاعدة» ومن جميع أفعاله، وأفكاره؟ بالطبع لا! ولكن المزعج هو الاحتفائية التي لقيَّها الشيخ سلمان، خصوصا أن «القاعدة» منبوذة اليوم في كل مكان، ومَنْ يتعاطف معها لا يجرؤ على الجهر بذلك كما كان في السابق، حيث باتت تهمة وإدانة.

أما حال أفغانستان والعراق، والمخاوف من اندلاع حرب أهلية فيهما، كما قال الشيخ العودة، فليست وليدة اليوم، بل منذ سنين، ومؤشراتها كانت شاخصة للعيان، منذ أيام البيان الشهير الذي دعا للجهاد في العراق. وكان الشيخ سلمان العودة أحد الموقعين عليه. ويوم كتب الشيخ مقاله الشهير «أهزوجة الفلوجة.. والأمير.. كان».

لو أن الشيخ خرج لنا قبل أمس قائلا إنه أخطأ في تأخره من التبرؤ من أسامة وأفعاله، وإنه أخطأ يوم التوقيع على البيانات، لقلنا للشيخ العودة سَلِمْتَ من كل شر، ودمت لنا ذخراً. أما اليوم فليس بوسعنا إلا القول: الله المستعان يا شيخ!

[email protected]