هل يقف الخليجيون على الحياد في الحرب؟ (2-2)

TT

الاجابة ان ثمن الدخول في حرب الى جانب الولايات المتحدة ضد ايران مكلف وخطر جدا، ويرجح ان تكون اجابة الخليجيين بالرفض. لكن الامور في السياسة معقدة، وتصبح اكثر تعقيدا في الحروب، وبالتالي قد لا تكون الاجابة سهلة. مثلا، ماذا لو ان ايران قامت بقصف الدول الخليجية حتى لو رفضت مساعدة الاميركيين، وتحديدا السعودية والإمارات وعمان والبحرين؟ هل ستقف على الحياد؟ الايرانيون على الأرجح سيستهدفون كل ما يظهر على راداراتهم وفي مرمى صواريخهم؟ هنا يسقط الحياد تلقائيا في حال وقوع هجوم متعمد، مما يعني أن التورط في الحرب أمر وارد. لكن ان يستهدف الايرانيون السعودية تحديدا، فستكون حماقة كبيرة، لكن من قال ان هناك عقلانية في كل النزاع الذي يتطور أمامنا سريعا؟ فقد كان بإمكان إيران تأجيل مشروعها لسنوات قليلة، وتجنب الحرب، خاصة أنها كسبت مجانا الكثير في حربي افغانستان والعراق. كما كان بمقدور الولايات المتحدة ان تسبق الأزمة بتطوير علاقتها في ايام حكومة محمد خاتمي في السلطة بإنهاء النزاع والمقاطعة، وعدم اعطاء الفرصة للمتطرفين للوصول الى الحكم، بما جاءوا به من معارك. لكن «لو» لا تنفع في تقديم حلول عملية.

لا أميل بعد الى الجزم بقيام حرب اميركية ايرانية لكن من الحكمة التحسب لها، لأنها ليست فكرة مجنونة، بل حديث دائر اليوم على كل المستويات. وحساب الاحتمالات جزء من اللعبة، رغم ان «اللعبة» كلمة قبيحة لان فيها استخفاف بحياة الناس واستقرارهم. لهذا نحن امام مرحلتين ثالثهما صوت المدافع. الأولى البحث عن حلول تصالحية توقف التوتر، والثانية التحاكم الى الأمم المتحدة، وعند فشلها ستتعطل لغة الكلام. وتبقى دول المنطقة تتفرج على أزمة خطرة أخرى هي الثالثة في نفس المياه الخليجية خلال ربع قرن. ودول الخليج لا يد لها، لا في اشعال المعركة ولا في اطفائها، لكنها ستكون رغما عنها الخط الأمامي للحرب إذا أراد الإيرانيون فقط توسيع دائرة المعارك. اما بالنسبة للجانب الاميركي فقد اثبت في حربين ماضيتين انه قادر على شن معاركه من دون الحاجة الى استخدام ممرات وقواعد المنطقة. قناعة دول الخليج ان الحرب أكبر من قدرتها على التحمل، لكن أتوقع انها لا تملك خيارا إذا ارادت إيران اقحامها عنوة باستهدافها. وهنا أعود الى التصريح المنسوب الى وزير الدفاع الإيراني في الصيف بأن بلاده ستستهدف دول الخليج في حال شنت الولايات المتحدة حربا على إيران، لكن سرعان ما نفى الوزير ذلك التصريح مشددا على انه مزور. ولن يمكن معرفة الحقيقة الا حين وقوع الحرب.

اخيرا، نحن لا نرجو ألا تشن ايران هجوما معاكسا على دول الخليج، بل الأمل الا تنشب الحرب كلها، لأنها حرب عبثية يمكن تجنبها.

[email protected]