ثنائي القرن العشرين انتحار رجل ميت

TT

كان ريتشارد نيكسون متبرماً بتصرفات هنري كيسنجر، وكيسنجر متضايقا من حسد الرئيس وكان يعتقد أن جميع موظفي البيت الأبيض يتآمرون باستمرار للحط من قدره. وكتب جون سكالي، الذي أوكلت اليه مهمة تحسين صورة نيكسون ان «كيسنجر فقد عقله تماما. انه يكذب على الصحافة. ويكذب على (وزير الخارجية) روجرز، والأسوأ من ذلك كله يكذب على الرئيس. واعتقد انه سوف يواجه مشكلة كبرى مع الصحافيين لأن عددا منهم أدركوا انه كذب عليهم».

وقد بدا كيسنجر مضطربا لدرجة ان نيكسون نصحه بأن يستشير طبيبا نفسانيا، كما فعل هو عندما هزم في انتخابات 1962. وكشف كيسنجر عن مخاوفه لأحد صحافيي «نيوزويك» عندما قال له: «كيف يمكن ان أبقى في هذه الحكومة فيما يتآمر علي نصف الموظفين لدى الرئيس». وقد اتصل به وزير الدفاع السابق روبرت مكنمارا مواسيا: «انه حقا لإنجاز عظيم ان تتمكن من البقاء في الإدارة كل هذا الوقت». لكن لا كيسنجر كان مستعدا للاستقالة ولا نيكسون كان مستعدا للتخلي عنه. انه سنده الأول في القمتين اللتين ستعقدان في بكين وموسكو ذلك العام، 1972. وكان يعرف أن كيسنجر أقام علاقة اعجاب وطيدة مع رئيس الوزراء الصيني، شو إن لاي. وعندما تحدث كيسنجر إلى نادي الصحافة في واشنطن قال ضاحكا إن الديمقراطيين «لا يصدقون حضوري اليوم. لقد جاءوا ليروا اذا كان في امكان رجل اغتيل ان ينتحر ايضا. لكنني أؤكد لكم ان علاقتي مع الوزير روجرز ممتازة، وكدليل على ذلك اقترح ان يوفدني الرئيس في رحلة فضائية، وإذا قبلت، فانه سيطلب من الرئيس أن يمدد الرحلة شهرا على الأقل». في أي حال تمت الرحلة الى بكين. وهنا نرى الرئيس ومستشاره يتنافسان في امتداح ماو تسي تونغ بطريقة مفضوحة. وقال نيكسون للزعيم الصيني انه قرأ جميع خطبه وقصائده، فتدخل كيسنجر ليقول انه كان يفرض على جميع تلامذته في هارفارد قراءة كتابات ماو. وهنا تدخل ماو ليقول: «كتاباتي هذه ليست شيئاً. ليس فيها أي شيء مفيد». فاعترض نيكسون: «إن كتابات التشرمان قد حركت أمة بأكملها وغيرت العالم اجمع». وأصر ماو: «لم استطع أن أغير الأمة ولا العالم. لقد غيرت فقط بعض الأماكن في جوار بكين».

واستمر الزعيمان في الدعابات. وقال ماو «لقد اقترعت لك في الانتخابات الماضية عندما انتقدتك»، فأجاب نيكسون «لقد اقترعت لأهون الشرين». فزاد ماو «إنني أحب أهل اليمين، وأشعر بسعادة نسبية عندما يصل هؤلاء الى السلطة». فقال نيكسون: «في أميركا يستطيع أهل اليمين أن يحققوا ما لا يستطيع أهل اليسار سوى التحدث عنه». وزاد كيسنجر ممالقا: «سيدي الرئيس، أهل اليسار مع السوفيات ولا يريدوننا التقرب من الجمهورية الشعبية».

الى اللقاء