مشكلة الجيل الجديد..

TT

مشكلة الجيل الجديد.. تعبير تراه كثيرا في كل صحف ومجلات العالم.. ومعنى ذلك أن للجيل الجديد مشكلة أو انه هو مشكلة الدنيا كلها.. أي أن هذه المشكلة «ظاهرة» اجتماعية ونفسية واقتصادية.. وتكرار هذا التعبير معناه أن الموقف لم يتغير، وأنه لا بد من حل، وأن هذا الحل مطلوب بسرعة.. فهذه الأجيال الجديدة هي التي سوف تتسلم التركة الهائلة التي صنعها الآباء والأجداد بالعرق والدم أو بالعرق بلا دم، أو بالدم بلا عرق.. وتعبير «الجيل الجديد» يبرز جدا كلما وقعت جريمة بطلها شاب.. كأن الشبان وحدهم هم الذين يرتكبون الجرائم.. فإذا ارتكبها رجل عجوز لا تعد جريمة.. كأن تشتعل حرب عدوانية على شعب آمن، ويروح ضحيتها ألوف من الشبان، لا تكون هذه الحرب جريمة.

ومع ذلك فالجيل الجديد مشكلة.. وهي ليست مشكلة هذا العصر بالذات.. وإنما مشكلة كل عصر.. ففي كل عصر جيل جديد وجيل قديم.. والذي يصف الجيل الجديد بأنه مشكلة هو الجيل القديم! ومشكلة الجيل الجديد الآن أنه لا يريد أن يرتبط.. لا يريد أن يكون مشغولا.. وإنما يريد أن يكون حلقة بلا سلسلة، وأن يقف وحده ويترك المسرح لغيره، ثم يخرج من منتصف المسرحية أو ينام أثناء التمثيل!

وانتشار المخدرات بين الشباب في أمريكا، مثلا، ليس إلا نوعا من الهرب من مواجهة مجتمع يطحنه طحنا ويتجاهله تماما.. فالمثل الأعلى في المجتمع الأمريكي، وكل المجتمعات الرأسمالية هو النجاح بأي ثمن! النجاح بالغش وبالقتل.. ولا يهم أبدا أن يكون المواطن هو الضحية.. والمواطن هو المستهلك الذي تبيعه وتشتريه وتحييه وتميته شركات الطعام والشراب والدواء والسلاح!

ولكي يرتبط الشبان ويصبحوا حلقات في سلسلة واحدة، لا بد أن تكون لهم قضية.. وأن تكون لبلادهم قضية إنسانية، ولا بد من توعيتهم وتبصيرهم بمشاكل بلدهم ومشاكل العالم، ولا بد من تجنيدهم من أجل هدف إنساني، ولا بد من «تهديف» أفكارهم وأحلامهم. ولا خوف من الهدف ووضوحه وقوته ما دام من أجل الحياة واستمرار الحياة الكريمة.