ضربونا بجوز الهند: فنحن كفرة!

TT

لم يتردد كل الذين سألهم التلفزيون عن ذكرياتهم في رمضان في أن يقولوا ويحكوا ويفتعلوا ويكرروا كلاماً لا معنى له. وسألت نفسي: صحيح وأنت ما هي ذكرياتك في رمضان!

والجواب: ولا حاجة..

فكل شيء عادي. أكل وشرب وفوانيس، ثم إنني لا أسهر. وعلى أيامي لم يكن هناك تلفزيون ولا فوازير، ولا ذكريات. وكلهم يتحدثون عن شهر الصوم والعبادة والدعاء. ولا أذكر شيئاً من ذلك. فإذا كانت صلاة فأبي، وإذا كانت دعوات فأمي..

وربما كانت حادثة واحدة أذكرها.. حادثة ولكنها لا تدخل في الذكريات التي أحب أن اذكرها وأجد متعة أو موعظة أو عبرة في ذلك. فقد كنت في جزيرة مندناو.. وهي الجزيرة الوحيدة في الفلبين التي يعيش فيها المسلمون. وكنا في رمضان. ولم أكن أعرف ذلك.. ولو عرفت لما صمت. فأنا على سفر بعيد جداً.. ولكنهم كانوا صائمين.. وإذا غربت الشمس لا يفطرون. وأدهشني ذلك. فهم لا يفطرون إلا إذا اتصلوا بالسفير السعودي في مانيلا يسألونه فيقول: افطروا..

فإذا لم يجدوا السفير السعودي بحثوا عن السفير المصري يقول لهم: افطروا..

فإذا لم يجدوا السفيرين، فإنهم يظلون صائمين ساعة أو ساعتين ثم يفطرون. وكان من بينهم واحد كان في الأزهر ولم يكمل دراسته ويتكلم اللغة العربية بصعوبة. حاولنا معاً أن نقنع الصائمين بالإفطار بعد غروب الشمس. فاعترضتنا إحدى الأساطير وهي أن الشمس لا تغرب أبداً. وإنما إذا غربت هنا أشرقت على آخرين. ولا بد من قرار من ولي الأمر. ولي الأمر بالنسبة لهم هو السفير السعودي أو السفير المصري..

وفي يوم حاولت أن أقنعهم بالعقل. نظرت إلى الشمس وهي تغرب وكذلك فعل الأخ الأزهري. وأفطرنا أمامهم.. فما كان منهم إلا انسحبوا وبعثوا لنا أطفالاً صغاراً يضربوننا بجوز الهند. لماذا؟ قالوا: أنتم كفرة!