.. و«القاعدة» دائما المستفيد

TT

تواجه محاولات التقدم في مجال المصالحة الوطنية في العراق مشاكل عدة؛ من أبرزها العراقيل التي توضع أمام جهود التعاون مع رجال العشائر السنية من أجل تسهيل انضمامهم لأجهزة الشرطة، ومحاربة تنظيم القاعدة في العراق، حيث تلاقي تلك الجهود معارضة شديدة من مسؤولين في الحكومة العراقية.

زعيم بارز في الائتلاف الشيعي قال لصحيفة «الواشنطن بوست» قبل أيام «نطلب من الإدارة الأميركية أن تكف عن هذه المغامرة المرفوضة من قبل كل القوى السياسية الوطنية. فعناصرهم هم من المجرمين الذين لا يمكن الثقة بهم»، قاصدا أبناء العشائر السنية التي قررت التصدي لتنظيم القاعدة الإرهابي.

وقبل أمس خرج الشيخ حارث الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، والتي يفترض أنها من أكبر المرجعيات للعرب السنة في العراق، على قناة الجزيرة القطرية يقول «تبقى القاعدة منا ونحن منها تسعين في المائة.. الآن القاعدة هم عراقيون»، داعيا أبناء السنة إلى عدم الالتحاق بمجالس الصحوة التي تقاتل تنظيم القاعدة بجانب القوات الأميركية والعراقية.

حسنا، هذا زعيم عراقي، وإن لم يذكر اسمه، يطالب الأميركيين بمقاطعة السنة من أبناء العشائر، واتهامهم بالإجرام. وعلى الطرف الآخر، الشيخ حارث الضاري، وباسمه، يطالب أبناء السنة بعدم قتال القاعدة. فمن المستفيد هنا؟ بالتأكيد إنه تنظيم القاعدة.

وهذه هي الإشكالية، فتنظيم القاعدة لا ينمو ولا يزدهر إلا حين يدب الصراع الطائفي. وفي المجتمعات الطبيعية مهما انتشر داء القاعدة، فإن هناك مؤسسات قادرة على مجابهته والحد من خطورته، على عكس مناطق الصراع الطائفية التي تساعد التنظيم الإرهابي على أن ينشط حيث يجد الأرض والخلفية التي تغذيه، وتؤويه.

وهنا تكمن أزمة الحكومة العراقية التي تعطل جهود المصالحة، حيث أنه من الواضح أن حكومة بغداد تراهن على عامل الوقت، فبعد عام من الآن يغادر جورج بوش البيت الأبيض، ويحين انسحاب الجيش الأميركي من العراق، وبالتالي، وحسب تصريحات الرئيس الإيراني، فإن طهران ستقوم بملء الفراغ، فلماذا تسعى الحكومة العراقية للمصالحة إذ لديها أصدقاء يغنونها عن واشنطن، بحسب تصريحات سابقة للسيد المالكي.

الحقيقة التي تتجاهلها حكومة بغداد أنه وبعد الانسحاب الأميركي وزيادة عزلة السنة المعتدلين، فستكون الفرصة مواتية أكثر لتنظيم القاعدة، وللبعثيين الذين يعملون تحت لافتة القاعدة، للحصول على الدعم والإيواء، لا بهدف دحر المحتل، بل من أجل النصرة لأهل السنة والجماعة، والثأر من الشيعة، وهنا تكمن الخطورة حيث تصبح المعركة طائفية بكل وضوح، وبذلك تكون أكثر قبحا، وقسوة، وستطال نارها الجميع، طالما أن العقلاء في العراق، والقادرين خارجه، بما فيهم الولايات المتحدة الأميركية، يرتضون أفعال حكومة المالكي، ومنطق حارث الضاري.

[email protected]