الملاعب والشوارع!

TT

اللهم لا اعتراض على الكرة ولعب الكرة والاهتمام بها.. ولا اعتراض على أن الكرة قد أدت إلى الاهتمام بالأقاليم وأبناء الأقاليم، والناس الطيبين الذين لم تسعفهم الظروف بأن يولدوا في القاهرة، ويكونوا من أبناء أعضاء أندية الأهلي والزمالك والترسانة..

ولا اعتراض على أن يتعلم الناس الطاعة والنظام وحب القانون واحترام الحكام، في أثناء اللعب وفي أثناء مشاهدة المباريات..

ولا يمكن أن يكون هناك اعتراض على أن يتعلم اللاعب من خلال التمرين والحرص على اللياقة: أن يعنى بصحته الجسمية والنفسية..

وطبعاً لا اعتراض على أن تلتقط الكرة عدداً كبيراً من الكتاب والنقاد والفنانين الذين يحولون مباريات كرة القدم إلى أعمال أدبية ممتعة، وإلى أن تصبح الكتابة الكروية والرياضية عموما ذات أسلوب خاص ولها تعبيرات جديدة سريعة..

إن كرة القدم قد أكسبت الناس لاعبين ومتفرجين وكتاباً: دماء جديدة ومعارك غريبة، مثيرة..

لا اعتراض على شيء من هذا كله.. ولكني أعترض على أن تتحول شوارع القاهرة إلى ملاعب لكرة القدم، والشوارع ـ كأية ملاعب ـ فيها خطوط للملعب.. وبدلا من خشبات المرمى، تمتلئ الشوارع بالطوب والزلط.. ولأن اللعب يجري ليلا، فالطوب يجب أن يكون عالياً بارزاً، ولأن كرة القدم تستغرق اللاعبين الصغار، فإنهم لا يدرون بالسيارات من ورائهم وأمامهم، ولذلك كثيراً ما توقفت السيارات حتى تتفادى اللاعبين الذين استغرقتهم الرياضة الشعبية.. وكثيراً ما عجزنا عن تفادي اللاعبين.. وهؤلاء اللاعبون الشباب لا يحملون معهم كل ليلة معالم الملعب.. ولذلك يتركون الطوب والزلط في مكانه وهذا الطوب لا يتحرك طبعاً.. وإنما تتحرك إليه السيارات وتنكسر بسببه.. فالطوب هو الكرة العتيقة التي يجري إليها الهدف كل يوم وكل ليلة!

ومن الغريب جداً أن نجد ملاعب كرة منصوبة ليلاونهارا في معظم الشوارع..

إننا يجب أن نعدل بين الشوارع والملاعب! فالكرة للملاعب، والمرور للشوارع!