الوقفة المطلوبة: أفغانستان على الحافة

TT

أفغانستان ليست العراق، وتلك الحقيقة في عداد الأخبار الحسنة. فعقود من السنين كانت مدمرة ولكنها ليست بنمط جحيم القهر الذي نصبه صدام حسين في العراق، ولذلك أيضا ، فوميض المبادرة يمكن أن تقرأه في عيون الأفغانيين. فعبر هذا البلد الفقير، فكر في دولة أفريقية جنوب الصحراء، تبزغ علامات المبادرة والصحوة، بدءا من البحث عن إنتاج القمح ونهاية بحركة استثمار ومدارس جديدة تفتح وندوات عن مساكن من الطين، ولذلك فنسبة النمو تقدر بـ 8%.

ومنذ سقوط نظام طالبان في 2001 عاد الى البلاد أربعة ملايين مواطن في أكبر موجة لعودة ناس منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية في 1945، فيما تبلغ نسبة الفتيات في المدارس 38% بعد أن كانت صفرا، وهناك ملحمة التغيير بسبب ملايين الهواتف المحمولة وعمليات إزالة الألغام في حياة المواطن الأفغاني. ومع مثل هذا المناخ جاءت العودة الرزينة لـ 22 مليار دولار من الاستثمارات الأميركية إلى جانب 6. 5 مليار أخرى في الطريق مع عام 2008، ولهدف استراتيجي واضح هو: أفغانستان مستقرة ولا عودة للإرهابيين بإمرة ملالي بعين واحدة.

ولكن، حتى مع كون أفغانستان ليست العراق، لكنها لم تنج من الحرب، فيما يبدو بلد مثل لبنان، بالمقارنة، أكثر استقرارا. فمثل بولندا، عانت أفغانستان من أقدار الدولة الضعيفة الواقعة بين جيران ضعفاء، ولكنها، خلافا لبولندا، تزرع الحشيش وترسل المنطقة الى شظايا متطايرة، وهنا، خلافا لمضاهاتها بالحالة العراقية، يكون هذا الواقع في عداد الأخبار السيئة.

من جهة أخرى، سمعت أشكالا من التقييم حول المدى الذي ستأخذه أفغانستان في اعتمادها على الوجود العسكري الغربي، ولكن عبد الجبار ثابت المدعي العام هو الأكثر وضوحا، فيقول: لن يكون الجيش الأفغاني قادرا على حماية البلاد لمدة عشرة أعوام قادمة، ولذلك فلا بدّ للقوات الدولية أن تبقى هنا لعقد من الزمان.

والرجل واقعي، فجهود أميركية قوية تبذل لجهد إعداد، أو قل إنتاج ،72 ألف عنصر من الجيش موثوق بهم كفاءة ومسؤولية بحلول عام 2009 ، برغم أن هناك من ينوه لمسألة النقلة الثقافية لهذه العناصر، فتأتيك الإشارة إلى أن التغيير الثقافي المطلوب في الكفاءات وتحمل المسؤولية ربما يأخذ عشرين عاما. أما الشرطة فللأسف فهي متخلفة خلف الجيش، وتدريبها يقترب من الكارثة، والرواتب ضعيفة بين 50 و 100 دولار في الشهر، والفساد مستوطن، فيما لم يبدأ بعد الجهد لجهة شرطة كفوءة ومسؤولة.

ومن هنا فالواجب أمام الرئيس الأميركي القادم، هو أو هي، يبدو متعاظما، بدءا من الإبقاء على تضامن الناتو ونهاية برصد ومتابعة هذا التعاطف الجديد الذي بدأ في النمو بين مهربي المخدرات وجماعة طالبان بكل آثاره على اقتصاديات الطرفين، وبنفس القدر، ذلك الفساد الغزير من الحكام الذين تم اختيارهم من قبل الرئيس حامد كرزاي الذي يضارب أو يعرقل الجهود الدولية. أضف الى كل ذلك الإفادات القائلة إن المتمردين على النظام يستطيعون الوصول الى مناطق لا تستطيع قوات الناتو والحكومة الوصول اليها، ليبقى شاهد تلك الإفادات أن طالبان يتم صنعها الآن وبصورة مستدامة من باكستان، فيما تتعثر جهود واشنطن للحصول على التعاون من حلفائها لعلاج هذه القضية.

ولأن إدارة بوش جزء كبير من المشكلة، فلا يمكن التعويل عليها في حلها، ومع ذلك فثمن الفشل الباهظ غير مقبول، فالهزيمة ستحطم الناتو، وتعمق اللااستقرار في باكستان حاملة السلاح النووي، وستحث القاعدة على الخروج من كهوفها في وزيرستان لتعيد إخراج أولئك الفتيات من مدارسهن. وأخيرا ، فالشاهد أن قضية سيناريو الفشل في أفغانستان تسطع الآن أمام كل المتسابقين للترشح إلى البيت الأبيض الأميركي.

* خدمة «نيويورك تايمز»