وصفة للتعامل مع إيران.. ليونة أوباما وجنون تشيني

TT

ليست لدي فكرة عمن سيفوز بالترشيح للرئاسة من الحزب الديمقراطي، ولكنني ظللت أتساءل، في الفترة الأخيرة، عما اذا كان باراك أوباما فانه قد يرغب في ابقاء ديك تشيني كنائب للرئيس.

كلا، لست شخصيا من المعجبين بديك تشيني، وأعرف انه من العبث الإشارة الى ذلك، ولكن اليكم ما افكر به في الوقت الحالي: بعد العراق وباكستان فان قضية السياسة الخارجية الأهم التي ستواجه الرئيس المقبل هي كيفية التعامل مع ايران. هناك حرب باردة في الشرق الأوسط اليوم بين أميركا وإيران، وما لم تحل فإنني أرى ان ايران تستخدم وكلاءها وبيادق شطرنجها، وهي حماس وحزب الله وسورية والمليشيات الشيعية في العراق، لإعاقة اميركا وحلفائها عبر المنطقة.

وذلك يعيدني الى بطاقة أوباما ـ تشيني: فعندما يصل الأمر الى افضل طريقة للتعامل مع ايران، فان كلا منهما لديه نصف سياسة، ولكن اذا ما وضعتهما، في الواقع، سوية فإنهما سيشكلان استراتيجية اميركية مثالية تجاه ايران. هل أتجرأ على القول انهما يكملان بعضهما بعضا.

ونائب الرئيس ديك تشيني هو الصقر الذي يعلن مرارا وتكرارا أن أميركا لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي. وبوسعكم ان تثقوا بأن ايران تأخذ هذه التهديدات مأخذ الجد. غير أن تحليل تشيني قد واجه عدم توافق مع الرئيس بوش ورايس. ولأن الرئيس ووزيرة الخارجية لم يكونا قادرين على ان يقررا ما الذي يتعين ان تكون عليه سياسة واشنطن تجاه ايران، في اطار تغيير النظام أم تغيير السلوك، فان من المستحيل امتلاك دبلوماسية فعالة.

ولو انها استفادت من جنون تشيني فان رايس كانت ستتوجه الى طهران لتقول للإيرانيين: أنا مستعدة للتوصل الى صفقة معكم، ولكن علي ان أخبركم أن تشيني يقف خلفي وانه مجنون حقا. انكم لا تعرفون نصف الأمر. ولست واثقة الى أي حد يمكنني ان أفرض قيودا عليه. ولهذا فانه قد يتعين علينا اجراء محادثات نووية جدية، وإذا ما سار الأمر على نحو جيد فإننا سنتراجع عن تغيير النظام. يفضل أوباما الليونة. وفي برنامج «واجه الصحافة» الأسبوع الماضي قال:«سألتقي مباشرة بقيادة إيران. أنا مقتنع بأننا لم نستهلك الجهود الدبلوماسية التي يمكنها أن تحل بعضا من هذه المشاكل ـ مسألة بنائهم للأسلحة النووية، ودعمهم لمنظمات إرهابية مثل حزب الله وحماس».

أظن أن عرض أوباما في حالة توليه الرئاسة للذهاب إلى طهران سيكون له تأثير هائل على ذلك البلد وستؤول إلى نقاش داخلي فيه، خصوصا إذا كنا واضحين في القول إن أميركا ستكون راضية بتغيير قابل للاختبار في السلوك الإيراني.

لكن تشديد أوباما على التفاوض مع إيران وهو أسلوب مفيد معاكس لسياسة بوش المستندة إلى المقاطعة، غير كاف. فأوباما لم يثبت امتلاكه لرافعة ما تسمح لدبلوماسيته بالنجاح. فحينما تتفاوض مع أنظمة عسيرة مثل النظام الإيراني أو السوري يجب أن يكون الى جانبك توني سوبرانو وليس بيغ بيرد. ستكون موهبة أوباما في بناء جسور مع الآخرين أكثر فعالية إذا كان هناك ديك تشيني الى جانبه.

كذلك سيكون أوباما أكثر فعالية إذا لم يشدد على طول المسافة الإضافية التي سيمضيها في تعامله مع إيران فوق ما يعرضه فريق بوش بل على كم هو مستعد أن يمضي لتحقيق تأثير على إيران من خلال تبني فرض ضريبة الغازولين التي ستساعد على تخفيض الأسعار أو عن طريق التخلي عن السياسات المضادة لروسيا التي تتبعها إدارة بوش لجلب فلاديمير بوتين أو الصين والهند إلى جانبنا لفرض ضغط حقيقي على طهران.

باختصار، يمكن القول إن مقترحه صحيح لكنه بحاجة إلى جمع أسلوبي جيمي كارتر اللين وديك تشيني المتشدد، حينما يكون الأمر متعلقا بالتحدث مع إيران. وإذا أراد الديمقراطيون أن يفوزوا بالانتخابات المقبلة فعليهم أن يحققوا التوازن ما بين هذين الاتجاهين، وعليهم أن يتعلموا كيفية انتقاد سجل بوش من اليمين ومن اليسار لإظهار أنهم قادرون على استخدام أسلوبي التعامل المباشر والقسري. فالدبلوماسية الناجحة بحاجة إلى كلا الأسلوبين. يريد الأميركيون أن يعرفوا إن كان بإمكان الديمقراطيين القيام بكليهما. وظني هو أن الكثير منهم غير واثقين من ذلك.

*خدمة «نيويورك تايمز»