ابتعاد رايس عن العراق .. ما هي الأسباب؟

TT

مع بداية تشقق جدار التشاؤم أين الدبلوماسية؟

إن مراقبة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وهي تقوم برحلات متكررة لإسرائيل في محاولة للتوصل الى نوع من الاتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين، بينما يبقى الوضع في العراق بلا حل، يجعلني اشعر بأن مسكني يحترق وفرق الإطفاء قررت التوقف وهي في الطريق لإنزال قطتين من فوق شجرة.

ومن ناحية لم أفهم الأمر. من الواضح ان زيادة عدد القوات الاميركية في العراق قد أدى الى الحد من العنف. ألا يعني ذلك أننا نحتاج الى زيادة في الدبلوماسية لإكمال المهمة؟

ويبدو لي الأمر دائما كما لو ان رايس تريد الابتعاد عن العراق وتأمل في انها ستصبح ضمن مسؤوليات شخص اخر. وإذا كنتَ الرئيس بوش وإرثك كله يعتمد على نتيجة هذه الحرب، فسترسل اكبر دبلوماسي لديك لبغداد للعمل مع العراقيين وجيرانهم للتوصل الى تسوية سياسية ولا تسمح لهم بالشعور بالرضا بوجود التزام بلا نهاية من الشعب الاميركي؟

ولكني أتحدث الى اشخاص في بغداد وأنظر الى ما يجري هناك حقا وأقول لنفسي: «ربما لا تفهم شيئا ما، تعرفه وزيرة الخارجية ـ وهو انه لن تكون هناك اية مصالحة سياسية رسمية في العراق، ولا مفاوضات كبرى ولا احتفال توقيع في البيت الابيض. لقد جعلت زيادة القوات العراق اكثر امنا، ولكن ليس الى درجة تحقيق مصالحة سياسية بعد. ولكنه امن لما أسميه «سلام ماكينات الصرف الآلي». وهو ما يعني اتفاق كل الاطراف في العراق على الحياة وترك الاخر يعيش مع رسم خطوط جديدة تحددها نتائج الحرب الاهلية وتعمل حكومة بغداد مثل ماكينات الصرف الآلي ـ تدعم الجيش وجماعات الامن وتوزع ايرادات النفط للمحافظين الاقليميين وشيوخ القبائل.

بالتأكيد لم يقر الشيعة قانونا يسمح بدخول مزيد من البعثيين السنة في الحكومة، ولكنهم يسمحون بعودة البعض. نعم لم يقروا قانونا للنفط، ولكن الحكومة لا تزال توزع ايرادات النفط.

وتحسن الوضع بصورة كبيرة رهين بعودة اعداد كبيرة من اللاجئين لأنهم يرون اقتصادا مزدهرا، حكومة تقدم خدمات وتحالفات سياسية عبر الخطوط الشيعية والسنية وقوات امن يمكن الثقة بها في الاحياء. ولا نزال بعيدين عن ذلك، ولكن يبدو ان هناك تحركات تجري. وهو ما يعيدني الى رايس. هل هي تبتعد عن فوضى العراق لإنقاذ صورتها او هل هي تعلم ان السياسيين العراقيين لن وليس بامكانهم انتهاز هذا الوقت للتوصل الى اتفاق رئيسي لان تقديم تنازلات اساسية علنية كبرى لبعضهم البعض لا يزال خطرا في بلد مثل العراق. انها دعوة للاغتيال. ولكن ربما تؤدي طريقة حياتهم العراقية بنا الى نقطة استقرار.

وإذا كان ذلك هو الامر، فربما السؤال الذي ينبغي ان نسأله ليس: متى يصل العراقيون الى اتفاقية رسمية بحيث يمكننا المغادرة ؟ ولكن: هل يمكن للترتيبات غير الرسمية ان تؤدي بنا الى مستوى من الاستقرار يسمح بخفض اساسي للقوات الاميركية في العام القادم؟

لا اعرف. فبلورتي السحرية العراقية توقفت عن العمل منذ فترة طويلة. وصرت انظر للامور خطوة خطوة.

الأمر الذي لا يمكن الخلاف حوله، في الوقت الراهن، هو اننا نشهد اول تشقق منذ سنوات في جدار التشاؤم في العراق.. مجرد تشقق، ولكنه يخلق امكانيات جديدة. ومن التهور تجاهل الامر او المبالغة فيه.

عليك الاستعداد لتقبل احتمال ظهور شيء ما من القاعدة ـ إلا انه عليك الشعور بالقلق ايضا. هل الاحزاب تعمل حقا من اجل شيء ما او هل هي تشعر بالإرهاق؟ هل رايس تتيح بحكمة للموقف بالتطور او تهرب بمهارة من المشكلة؟

ولذا ذهبت لمصدر أعرفه وأثق به ـ زميلي جيمس غلانز مدير مكتب نيويورك تايمز في بغداد الذي عاش وسط كثير من الجنون هناك: «هناك احساس بالهدوء في الشوارع لم نره من قبل لوقت طويل في بغداد. ولكن هناك ايضا سؤال في ظلال كل حارة. لا نعرف ما يدور هناك، ولكننا نشك وتشير الادلة، الى انها نفس المشاكل التي كانت موجودة دائما».

* خدمة نيويورك تايمز