سباق

TT

هل من الممكن معرفة أي المرشحين لمنصب الرئاسة بالولايات المتحدة الأنسب للعرب وقضاياهم؟ حقيقة، للوهلة الأولى يبدو أن سباق الرئاسة في أمريكا هذه المرة يصعب معرفة الفائز فيه، فالفرص تبدو شديدة التكافؤ أمام أكثر من مرشح، ولكن هناك عناصر «جديدة» تدخل على الساحة السياسية الأمريكية يبدو أنها ستمنح هذا السباق تحديداً الصفة التاريخية المميزة.

فهناك للمرة الاولى سيدة هي هيلاري كلينتون، صاحبة حظوظ قوية جدا للفوز بمنصب مرشحة الحزب الديمقراطي، وهناك باراك أوباما، السيناتور الشاب عن ولاية ايلينوي المهمة، وهو من أصول افريقية (وهو ليس أول افريقي يرشح نفسه لهذا المنصب، ولكنه الأقوى حظاً ولا شك)، وهناك مت رومني، حاكم ولاية ماساتشوستس المهمة، والذي ينتمي للأقلية الدينية المعروفة «المورمون»، والتي ينظر لها غالبية المسيحيين الامريكيين بالكثير من الريبة والقلق، ويعتبرونها فرقة شاذة عن الدين. يضاف لهؤلاء عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني، والسيناتور عن ولاية أريزونا جون ماكين (وكلاهما عن الحزب الجمهوري) مع جون إدواردز، السيناتور عن ولاية كارولاينا الجنوبية عن الحزب الديمقراطي. هؤلاء هم أهم المرشحين عن الحزبين.

هناك مواقف «مهمة» لبعض هؤلاء المرشحين فيما يخص القضايا الشرق أوسطية. فأوباما يؤيد الحوار مع إيران قبل اللجوء الى أيِّ خيار عسكري، كما أنه كان ضد الحرب على العراق واحتلاله من البداية. هيلاري كلينتون لها مواقف مهمة فيما يخص دعم الدولة الفلسطينية، ولكنها أيدت الحرب على العراق. جون إدواردز له مواقف «لافتة» في ضرورة الانسحاب من العراق والتراجع عن الخطأ الذي حدث. أما التطرف المنتظر فهو في سياسات جولياني، إذ لديه تعصب واضح ضد السياسات المعتدلة بالمنطقة، ويعتبرها نوعاً من الاستسلام والخنوع والضعف غير المقبول. وقد أيد بقوة الحرب على العراق (ويكتسب قوته ورزقه من عمله الاستشاري لشركات وأشخاص بنشر نظرية «أنهم راغبون في القضاء علينا»). وأحاط نفسه بحفنة المستشارين التابعين لفكر جماعة المحافظين الجدد بعد أن فروا من سفينة الادارة الحالية الآخذة في الغرق، والكل يعلم عن أفكار هذه الجماعة وتوجهاتها!

وهناك السيناتور ماكين، وهو بطل الحرب والسياسي المخضرم، والذي كان من أشدِّ المؤيدين للحرب على العراق، وأيدَ رفع عدد القوات. وكان ضد وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد وأيد إبعاده، ولديه تحفظات على «شكل» الدولة الفلسطينية القادمة. ويرى أن أمن اسرائيل يجب أن يظل هدفاً في السياسة الخارجية لأمريكا، إلا أن طرحه يكاد يختفي في هذه النقطة تحديداً أمام جولياني ورومني.

السباق الأمريكي لهذه اللحظة جدير بالاهتمام، ولكن لم يزر أيٌّ من المرشحين أيَّ دولة عربية باستثناء العراق الذي يرتادونه للصور التذكارية مع أفراد القوات المسلحة الأمريكية، وذلك لأجل الحملة الانتخابية. لقد فات الدول العربيةَ حراك استباقي لفتح المجال أمام حوار مع بعض المرشحين للتعرف عن كثب عن أفكارهم وأهدافهم. وتبقى النتائج حتى تظهر، ومن بعدها يتم التعامل مع الواقع أياً كان.

[email protected]