عيب.. عيب

TT

في اول يوم من شهر سبتمبر عام 1923 قبل ان ينتصف النهار مباشرة زلزلت الارض زلزالها وأخرجت اثقالها بالقرب من منطقة مزدحمة بالسكان في مدينتين صناعيتين في اليايان هما طوكيو ويوكوهاما اللتين بلغ تعداد سكانهما مليونين في ذلك الوقت.

كان الزلزال بقوة 2.8 درجةعلى مقياس ريختر، وكان هو الاقوى في تاريخ اليابان. وسع الدمار كل شيء وتحطمت كل البنى التحتية للصناعة في طوكيو وما جاورها. دمر الزلزال آلاف البيوت والمطاعم وانتشر الحريق في كل مكان بسبب مواقد الغاز التي كانت ربات البيوت يستخدمنها في اعداد وجبة الغداء، الى جانب المواد القابلة للاشتعال التي كانت ستستخدم في المصانع.

قدر عدد ضحايا الزلزال بمائة ألف نسمة إضافة الى اربعين ألفا آخرين لم يعثر لهم على أثر. وحين تمت الاجراءات الاحصائية تبين ان النسبة الكبرى من الضحايا كانت نساء لم يسعفهن العقل والبديهة، ولم تسعفهن الملابس التقليدية – الكيمونو - المكون من عدة طبقات من الحرير - ولا الاقدام الصغيرة التي كانت تحشر في قوالب لمنع نموها - ثم تحشر مرة أخرى في صنادل تعوق الحركة، لم تستطع أولئك النساء الهرب من الحرائق ولا من انهيار البيوت فوق رؤوسهن بسبب الزي التقليدي والسلوك التقليدي الذي تطلب من المرأة اليابانية الخضوع التام والتواري في البيوت لاعداد الطعام والاهتمام فقط بزينة الشعر والوجه والاقدام.

بعد الزلزال وبعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية نزعت اليابانيات الكيمونو واحتفظن به كزي للمناسبات وخرجن للعمل في المصانع والشركات كجزء من مجتمع وظف الهزيمة لكي يعيد بناء اقتصاده الى ان اصبحت اليابان واحدة من اكبر الدول الصناعية في العالم.

ذلك هو سطر من كتاب تاريخ اليابان تذكرته وانا اقرأ ما كتبه الاستاذ انس زاهد وهو يعقد مقارنة بين حال المرأة في الدول الشيوعية، حيث تؤدي النساء ادوارا متعددة في الحياة العامة، وحال المرأة العربية المرفهة. فيقول: ان المرأة في المجتمعات الشيوعية لم تكن تحس بأية ميزة عن المرأة في الشرق لأن الاولى تحظى بالمساواة مع الرجل. بل انني لا ابالغ لو قلت بأن المرأة في المجتمعات الشيوعية لم تكن تمانع بل لعلها كانت تتمنى ان تعيش كما تعيش المرأة الشرقية الخاملة التي يقتصر دورها على خدمة ورعاية الاسرة والتي تصلها احتياجاتها وهي مستلقية على سريرها ترد على الهاتف او تشاهد المسلسل اليومي الصباحي او تزور احدى صديقاتها او جاراتها لعقد جلسة من جلسات النميمة النسائية.

يا استاذ أنس كفانا خمولا. لم تعد الشيوعية هي البعبع المخيف بل كانت فكرة طبقت وفشلت في التطبيق، والعاقل يدرك بأنك لكي تقضي على فكرة فاشلة عليك بتقديم فكرة افضل.

لا اتصور ان الاستاذة الدكتورة سميرة اسلام او الاستاذة مفيدة عبد الرحمن او جميلة بوحيرد او فدوى طوقان ونازك الملائكة أو الاميرة المصرية التي تبرعت بأرضها ومالها لإنشاء جامعة القاهرة تركن أثرا بفعل الخمول. الخاملة لا يمكن ان تربي طفلا ولا تدير بيتا ولا تعين زوجا وهي جاهلة بالشأن العام.

لم تعد المرأة سجينة الفراش الوثير والمسلسل الاثير والنميمة اللئيمة. لعلك يا استاذ لم تسمع بأن 40% من ثروة المملكة تمتلكها نساء وان من الشركات والمصارف الناجحة هي لنساء نشأن وتعلمن في المملكة ووجدن السبيل بلا زلازل ولا مواويل. التطور حتمي ولو كره الكارهون.