إنهم يجدون لي ألف عذر!

TT

افرض أنني ارتديت جاكتة حمراء وبنطلوناً أخضر وقميصاً أصفر وكرافتة سوداء وحذاء أحمر على أبيض وجورباً أبيض. فماذا يقول الناس!

واحد يقول: إنه رجل بغبغان الألوان..

وواحد يقول: إنه رجل عجوز وقد خرف، فهذه الألوان كلها متنافرة. وسوف نكون جميعاً مثله.

وواحد يقول: إنه رجل فيلسوف يعمل ويلبس ما يعجبه لا ما يعجب الناس. وهو ليس مشغولا بملابسه فله هموم أخرى كثيرة. ومن المؤكد أنه ارتدى ما وجده، فليكن ما يكون..

ومن يقول: إنه رجل زاهد في الدنيا وتستوي عنده كل الألوان.. فهو لا يرى الألوان وإنما يرى للدنيا لوناً واحداً وطعماً واحداً..

ومن يقول: يا ناس اعذروه فالرجل زوجته مريضة وكانت هي التي تفعل كل شيء. وهو في أيدي الخدامين يضعون له ما يشاءون من الملابس. وقد حدث أن ظهر في التليفزيون مع الأستاذ عماد أديب وقال إنه لا يشتري أي شيء لنفسه. وإذا قرر أن يشتري بدلة فهو يذهب مع أصدقائه وهم الذين يشترون له. وتداخل أحد الأمراء يسأل: إذا كنت لا تشتري ملابسك فمن الذي أتى لك بهذه الجاكتة الفاخرة. فقلت: زوجتي.. ومن الغريب أن الرئيس السادات، وهو رجل أنيق، سألني عن هذه الجاكتة.. كأنه ليس من المفروض أن أرتدي جاكتة غالية الثمن..

وأذكر أن فنانة صديقة همست في أذني: بذمتك أنت رأيت نفسك في المرآة في البيت. قلت: ليه؟ قالت: انهض وتعال لكي ترى نفسك في أقرب مرآة!

فعلا معها حق. فلا الكرافتة ولا القميص ولا البنطلون يمكن أن تلتقي على أي جسم لأي إنسان قد صار رجلا ناضجا. ولا إجابة عندي عن كل أسئلة الاستنكار. فأنا أرتدي ما وجدته. ومن يحبني سوف يجد لي عذراً ومن يكرهني فقد لا يجد لي عذراً. ولكن في كل الأحوال أحتمي في السن والمقامة الأدبية والاجتماعية.. ففي أغلب الأحيان أنا على حق. والناس يجدون لي ألف عذر!