الرئيس القادم لأميركا.. هيلاري أم أوباما؟

TT

من سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة؟ أعتقد أن الرئيس الجديد سيكون هيلاري كلينتون أو باراك حسين أوباما! ويتفق كثير من الايرانيين معي اذ يعتقدون أن كلينتون أو أوباما سيكونان رئيسين افضل من المرشحين الآخرين.

أولا أريد أن اوضح فكرتي وسبب اعتقادي بأن أوباما سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة؟ وثانيا اذا ما كان الرئيس القادم، فما الذي يمكن ان يحدث في المجابهة التاريخية بين الولايات المتحدة وإيران؟

أوباما يركز على «التغيير» في استراتيجية اميركا، ويطرحه شعارا لحملته.

أتفق على ان جميع المرشحين بمن فيهم الجمهوريون يصرون على التغيير. وكلهم يزعمون ان التغيير الحقيقي سيكون من خلال فوزهم. وعلى سبيل المثال تستخدم كلينتون شعارا جديدا يقول: «مستعدة للتغيير».

كما أنني اعرف انهم لم يعلنوا المعنى الحقيقي لوجهة نظرهم. وعلى سبيل المثال هل يريدون تغيير السياسة التقليدية للولايات المتحدة مع اسرائيل وإيقاف الدعم المطلق لها؟

يبدو لي اننا لا نولي، في بعض الأحيان، اهتماما كافيا بالجذور او حتى جذع استراتيجية أميركا ونحكم على الأمور اعتمادا على الأوراق والأغصان. وعندما يتحدث أوباما او المرشحون الآخرون حول التغيير، فإن لهذه الطريقة، حسب اعتقادي، رسالة قوية جدا.

وهي تعني أن الأميركيين ينتظرون التغيير. والمرشح الأفضل يصطاد شعاره من المجتمع وليس من الكتب. فهو ينظر الى عيون وأفواه الناس.

وهناك سؤالان مهمان هنا: أولا لماذا ينتظر الأميركيون التغيير، ولماذا يريدون أن يتغيروا؟

أعتقد ان الرئيس القادم للولايات المتحدة يحتاج الى تبني منهجية اكثر انسانية. فخلال ثماني سنوات نجح جورج بوش في تعزيز كل التعصب والقوالب السلبية الموجودة في العالم تجاه أميركا. وقد اثار عداء العالم اكثر من أي رئيس سبقه، والحق الضرر بقوة اميركا عبر الاستخدام غير الكفؤ والمفرط لقوتها.

وكان جورج بوش يعتقد ان بوسعه حل جميع المشاكل بالقوة. فبعد كارثة الحادي عشر من سبتمبر، اعلن انه يريد بن لادن حيا أو ميتا. وبعد سبع سنوات زادت ادارة بوش ثمن بن لادن من 20 الى 50 مليون دولار.

وفي الأسبوع الماضي قال الرئيس الباكستاني برويز مشرف «نحن لا نعرف مكان بن لادن، وهو ليس هدفنا».

وبوسعنا ان نرى بوضوح أن القوات الأميركية تواجه المصاعب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز وأفريقيا وما الى ذلك. فما هو الانجاز الأميركي؟

قيل ذات يوم أن الرؤوس الحربية النووية للاتحاد السوفييتي كانت تشكل تهديدا للولايات المتحدة، وقد وصلت ثلاث من السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية الى المياه الدولية لمضيق هرمز الاستراتيجي يوم السادس من يناير الحالي. ثم قامت الزوارق السريعة بمناورة بينما اشارت تهديدات الى ان السفن الأميركية يمكن أن تتعرض الى تفجير. وقال برايان ويتمان المتحدث باسم وزارة الدفاع، ان الايرانيين تصرفوا بطريقة خطرة ومتهورة.

من الواضح على الأقل ان الولايات المتحدة ليست بالقوة التي كانت عليها قبل عشر او حتى خمس سنوات، وهذا مؤشر واضح على ان قوتها الناعمة قد تدهورت.

ترى، هل يمكن القول ان هذا مؤشر لتدهور امبراطورية الولايات المتحدة؟

ألف إيمانيويل تود كتابا مثيرا للاهتمام بعنوانAfter the Empire, the Breakdown of the American Order. يقول تود في هذا الكتاب ان وضع الولايات المتحدة في الوقت الراهن مماثل لوضع الاتحاد السوفييتي، وان العالم سيشهد انهيار اميركا، بمعنى آخر نهاية الحلم الاميركي.

جاء في مقدمة الكتاب: «بالنسبة لجورج بوش ومساعديه من المحافظين الجدد، فإن التاريخ سيسجلهم بوصفهم الذين حفروا قبر الامبراطورية الاميركية».

هذا ليس حكما مألوفا بالطبع، كما ان إيمانويل تود ليس مفكرا عاديا. ففي عام 1975 نشر تود كتابه الشهير The Final Fall، الذي كان في الأصل مقالا حول تحلل الكتلة التابعة للاتحاد السوفياتي، كما تنبأ أيضا بانهيار وسقوط الاتحاد السوفييتي، اعتمادا على بحث في المجال السكاني والأنثروبولوجيا الثقافية والاقتصاد أيضا.

هل يعتزم كل من هيلاري كلينتون وباراك اوباما تغيير اميركا؟

قال اوباما: «الأمل هو أساس هذا البلد، وكذلك الاعتقاد بأن مصيرنا لن يكتبه لنا احد وإنما سنكتبه بأنفسنا».

بصرف النظر عما يقال خلال الحملة، سواء من جانب اوباما او من جانب هيلاري كلينتون، فإن الأمر الطبيعي هو ان يستخدم المرشحون شعارات مختلفة خلال حملات السباق الرئاسي. اوباما لن يغير استراتيجية اميركا، خصوصا موقفها تجاه إسرائيل والشرق الأوسط.

هذا يعني بالتالي ان وضعنا كمسلمين لن يتغير في حال انتخاب اوباما رئيسا للولايات المتحدة، لأنه ببساطة لن يغير السياسات الاميركية في المنطقة.

قال اوباما لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية خلال زيارته إلى إسرائيل في يناير (كانون الثاني) عام 2006 انه تأثر بصورة عميقة عندما زار منزلا في قرية إسرائيلية قصفه صاروخ أطلقه «حزب الله». قال اوباما أيضا ان «مهمتهم هي ألا ينسوا ان خطر العنف خطر حقيقي». وهذا يعني ان أي خطوة ضد إسرائيل تعتبر عنفا، ولكن مسموح لإسرائيل بأن تفعل أي شيء. بوسع اوباما ان يقارن بين دمار لبنان ودمار القرية الإسرائيلية المذكورة. ويمكن القول ان دمار بلد لم يؤثر فيه عميقا.

في ما يتعلق بالمواجهة الحاسمة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن اوباما كان قد صرح بأن استخدام القوة العسكرية لا ينبغي استبعاده من الخيارات المطروحة في التعامل مع إيران. (3 مارس 2007).

أكد اوباما أيضا على موقفه خلال لقائه مع «هآرتس».

بعض الصحافيين الإيرانيين يتعاطفون مع اوباما لأن اسمه الأوسط حسين. فوالده مسلم، كما انه درس في مدرسة إسلامية بجاكرتا.

هذه بعض أوراق الشجرة. ولا مجال للتفكير بشأنها. اوباما لن يغير سياسات الولايات المتحدة. وفيما يتعلق بالدول الإسلامية، فإن إسرائيل ـ وهي دولة صغيرة ـ أكثر أهمية من العالم الإسلامي في نظر الولايات المتحدة.

ولهذا السبب بدأ بوش زيارته من إسرائيل. بمعنى آخر، سيتناقش بوش حول بعض القضايا مع القادة العرب، واضعا في ذهنه فائدة إسرائيل. من المحتمل ان يقترح في بعض الأحيان الرأي الإسرائيلي كرأي اميركي.

الولايات المتحدة في حاجة إلى عدو لتبرير دورها وحضورها في منطقتنا، وعدوها هذه الأيام إيران.

أود ان استخدم هنا ما قاله اوباما مع قليل من التغيير: «الأمل هو أساس بلداننا، وأيضا الاعتقاد بأن مصيرنا لن يكتبه لنا الاميركيون وإنما نكتبه بأنفسنا».