رسالة بوش للأعداء الأعزاء

TT

رقص الرئيس الأميركي العرضة في البحرين، وبات مرتاحا في إسرائيل، وطبع القبلات على خد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولقي حفاوة في الكويت، وخطب مهاجما إيران في أبوظبي أمام مئات المسؤولين والمواطنين، وسينال من كرم الضيافة الكثير بالرياض حيث يحل ضيفا في مزرعة الجنادرية، وبعدها سيحط الرحال في مصر ضيفا على الرئيس مبارك.

تسعة أيام من الحفاوة، سيترتب عليها الكثير في واشنطن، والعالم العربي، حتى إن كان الرئيس على بعد عام من مغادرة البيت الأبيض. فهذا الرجل أوشك على أن يغير مسار العلاقات الأميركية ـ العربية، والتحالفات الاستراتيجية، بعد أحداث 11 سبتمبر الدامية، واليوم نراه يزور الحلفاء، والمؤثرين من الدول العربية، صديقا وحليفا.

الزيارة دليل على تحول في واشنطن، لا يمكن لمن يأتي الى البيت الأبيض بعد بوش، ديموقراطيا كان أم جمهوريا، أن يتجاهله، خصوصا ما سيترتب على عملية السلام، من نجاح أو فشل. ويكفي التذكير بأن السياسة الدولية حاضرة بقوة في الانتخابات الأميركية، ليس في الشأن العراقي وحسب، بل حتى ما تفعله إيران وسوريا في المنطقة.

سبعة أعوام تغير فيها الكثير، حيث شهدنا غزو دولتين عربية وإسلامية، ويكفي ما تم في العراق، الذي يشهد تحولات تعكس تغيرات في واشنطن، أبرزها دعم مجالس الصحوة. لكن هل سيكون بمقدور بوش تحقيق السلام؟ ولماذا نال كل هذه الحفاوة في زيارته؟

فيما يختص بعملية السلام، الظروف اليوم مختلفة عما كانت عليه إبان فترة بيل كلينتون، حيث التشكيك، والتردد، عربيا ودوليا. اليوم هناك دعم وإجماع عربي وإسلامي ودولي لإحياء عملية السلام، التي أنعشت بالمبادرة العربية. كما أن بوش هو أول رئيس أميركي ينادي بالدولة الفلسطينية.

أما الحفاوة في استقبال بوش، فتوجب على الرئيس الأميركي إرسال رسالة الى كل من إيران وسوريا مفادها «أيها الأعداء الأعزاء شكرا لكم فخطركم على المنطقة منحني الحفاوة»! فما فعلته، وتفعله، إيران من توسيع الفجوة الفلسطينية، وتعطيل استقرار العراق، واستمرار احتلالها للجزر الإماراتية، وتهديدها لأمن الخليج، وتدخلها في الشؤون الداخلية العربية بدعمها لحزب الله، وتدعيم موقف سوريا المزعزع لاستقرار لبنان، ومن قبل العراق، يجعل الدول العربية حريصة على تدعيم التحالف مع القوة العظمى، وكذلك أوروبا. حيث ثبت للدول العربية أن إيران تريد إحراق الأخضر واليابس لتتسيد القرار العربي، ومن ثم تفاوض أميركا من موقع قوة، لتصبح لها القيادة بالمنطقة. الدول العربية المعتدلة لا تريد الانجرار للعبة الإيرانية فتنتهي لنفس الحال الإيراني من ترد داخلي اقتصادي، ومواجهات عسكرية دائمة مع ميليشيات مدعومة من إيران.

أما سوريا التي أفشلت كل الخطط الأميركية، والفرنسية، والعربية لحل مسألة الرئيس اللبناني، فقد أثبتت أنها لا تأبه بوحدة الصف العربي، الذي وفر لها غطاء في حل أزمة لبنان.

الإيرانيون يكرهون بوش نعم، لكنهم يغازلون أميركا، ويكفي تذكر تصريحات علي خامنئي الأخيرة. والسوريون يكرهون بوش، أيضا، لكنهم يفعلون المستحيل من أجل الحديث مع الأميركيين، ويكفي التذكير بحضورهم مؤتمر أنابوليس، وتصريحات الرئيس السوري عن أهمية أميركا. القضية ليست تبعية، لكن العلاقة مع أميركا تعني علاقة مع المجتمع الدولي كله، ففشل العلاقات مع القوة العظمى الوحيدة يعني الفشل على المستوى الدولي.

[email protected]