الاكتشافات

TT

صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية (زاهي حواس)، لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا: إن لجنة وزارية أقرت قانون الآثار المصري، الذي يتضمن منع نسخ الآثار المصرية نسخة طبق الأصل على الصعيدين المحلي والعالمي، حفاظاً على حق الملكية الفكرية لمصر على آثارها.

وحسناً فعل الأستاذ حواس بقراره هذا، رغم أنه متأخر بعض الشيء.

عموماً هناك الكثير من الآثار المصرية، التي خرجت من مصر وهي منتشرة في جميع أنحاء العالم، وبعضها يُباع في المزادات، وبعضها معروض في محلات (الأنتيكات)، ولا يعلم الزبون الشاري إن كانت تلك القطع هي أصلية أم مقلدة ـ رغم أن البائع يرفق في العادة شهادة مختومة تثبت أنها قديمة وأصليّة، غير أن الكثير من الشارين قد بلّوا تلك الشهادات في ما بعد وشربوا «مويتها»، لأنها بكل بساطة مزيفة، والذين زيفوها محترفون وعلى درجة عالية من الذكاء والإبداع.

وأذكر أن صديقاً أحضر أحد النحاتين الحفارين من مصر، وأسكنه وهيأ له كل وسائل الراحة والعمل، وجلب له الصخور المشابهة تماماً للصخور المختلفة في مناطق مصر والتي نحت وحفر عليها الفراعنة القدماء آثارهم، جلب تلك الأحجار من بعض مناطق المملكة.

وكان ذلك الفنان المصري يملك أزميلا ويدا سحرية تجعل الحجر الصلد، يتحول بين أصابعه بقدرة قادر إلى عجينة يشكلها كيفما شاء، وإنني على يقين بأن ذلك الرجل ما هو إلاّ حفيد من أحفاد الفنانين الفراعنة العظماء، وهو لا ينحت فقط، لكنه يضفي في النهاية على أي عمل روح (القِدم) من حيث اللون، والتعرية، والتآكل، وبعض الكسور والخدوش، بحيث أنك تستطيع أن تحلف وتقسم بالله، وأنت مطمئن الضمير أن هذه القطعة لها آلاف الأعوام.

وهذا الصديق الذي ذكرته مغرم (بالمقالب)، وله أصدقاء دكاترة وأساتذة آثار من جامعة الملك سعود، وقد دعاهم على الغداء في منطقة صحراوية خارج الرياض. وهيأ المكان قبل وصولهم بيوم واحد، بحيث أنه دفن مجموعة من هذه المنحوتات المزيفة، وجعل طرف منحوتة واحدة تكاد تظهر للعيان.

وبينما هم يتناولون القهوة قبل الغداء، وبعضهم كان يتجول على قدميه، وإذا بأحدهم يصيح بأعلى صوته من شدّة المفاجأة، وكأنه قد اكتشف كنزاً، تقافز الدكاترة كالمجانين وأخذوا ينبشون ويحفرون، وإذا هناك عدد هائل من القطع يستخرجونها من الأرض، ولم تعد ثيابهم تهمهم، ولا الغبار الذي ملأ وجوههم ولحاهم.

وجزموا أن الحضارة الفرعونية قد وصلت إلى الجزيرة العربية.

وعندما ذهبت (السَّكرة وأتت الفكرة)، وإذا بالنفس البشرية تُخرج أسوأ ما فيها ـ ألا وهو (الطمع) ـ وذلك عندما تداولوا الأمر في ما بينهم، فقال أحد الدكاترة ـ وهو على فكرة مشهود له بالأخلاق الحميدة ـ قال: نحن كلنا ثمانية أفراد، فما رأيكم أن نتوازع هذه الآثار في ما بيننا و(لا من شاف ولا من دري). لم يجب عليه أحد، لكنهم هزوا رؤوسهم علامة الاستحسان، بل إن أحدهم اقترح أن يتشاركوا جميعاً في شراء هذه الأرض كاملة، للتنقيب فيها فيما بعد، (فالجامعة ما توكّل عيش)، على حدّ تعبيره.

وبينما هم في تلك الأحلام الوردية، وإذا بذلك الصديق يضحك في وجوههم ويعلن لهم الحقيقة، وبعدها قال لهم: تفضلوا على الغداء، وقاموا متباطئين، وأكلوا بدون نفس.

[email protected]