الأميركيون حتى عام 2018.. لماذا؟

TT

نسب الى وزير الدفاع العراقي قوله إن بلاده ستظل في حاجة الى الوجود العسكري الاميركي عشر سنوات أخرى، من اجل ضمان استقرارها. وقد يبدو السؤال الاحتجاجي من جانبي غريبا، لكن بالفعل لماذا يريد العراقيون بقاء قوات اجنبية تحت اي عنوان كل هذه السنين؟

انني غير مصدق ان المصلحة العراقية، او حتى الاميركية، تفرض مثل هذا التعاون العسكري شبه الدائم على الارض. فان كانت التوقعات ترى أن العراق سيظل مضطربا لعشر سنوات جديدة فهذا يعني ان على كل دول المنطقة ان تراجع سياساتها، وكذلك الولايات المتحدة. وتبعا لذلك فان أي نظام يحتاج الى وجود اجنبي لحمايته طوال 14 عاما، يعني انه نظام مصاب بعاهة مستديمة وبالتالي لا يستحق ان يبقى. أما اذا كان هدف الوجود العسكري هو الحضور الإقليمي، فانه قرار خطير. للعراقيين بطبيعة الحال ان يقرروا التحالف مع من يشاءون، الا ان التوقيت غير مناسب. فالحكم في بغداد لا يزال يعيش في الحضانة الاميركية، وبالتالي اي قرار مستقبلي كبير كهذا مشكوك في مشروعيته. المنطق ان يقرر العراقيون منح علاقة مميزة لأي دولة يريدونها وذلك بعد خروج آخر جندي اجنبي من اراضيهم وليس الآن، حتى لا يقال انهم وقعوا تحت تهديد البنادق.

لذا نحن أمام رأيين غير معقولين، ذلك الذي يطالب بانسحاب القوات الاميركية حالا، متجاهلا ان في الانسحاب خطورة حقيقية باندلاع حرب أهلية بين المتصارعين على الحكم، وهناك خطر في استيلاء قوى مجاورة على اجزاء من البلاد، مستفيدة من ضعف الوضع القائم. والطرح الثاني ذلك الذي يريد وجودا اميركيا طويل الأجل بدون سبب قاهر.

اعتقد ان الاميركيين يخطئون ببناء قاعدة عسكرية كبيرة لأن ذلك سيدخل البلاد في أتون صراعات اقليمية ودولية الجميع في غنى عنها. ويخطئون حتى لو كان الطلب مصدره من القوى العراقية الداخلية لأن الانجرار خلفه سيشق العراقيين، لأننا في ظروف مؤقتة تتغير بتقادم الوقت وستتغير التحالفات بعدها. ويعرف الاميركيون أكثر من غيرهم ان تحالفاتهم الاقتصادية هي أقوى وأفضل من كل الحضور العسكري الذي جربوه في العالم، وهذا سر نجاحهم في الخليج خمسين عاما. وفي تصوري أن العراق بعد ان يوطد استقراره، ويقوم على نظام سياسي ناجح داخليا، سيتحول الى حليف طبيعي للولايات المتحدة، مثل بقية الدول الخليجية. فالعراق النفطي لم يتمتع في تاريخه الحديث بعد بحياة مزدهرة رغم امتلاكه لكثير من مقومات الدولة الناجحة، والسبب سوء الانظمة السياسية. اما التفكير بعقلية القواعد العسكرية في المنطقة فسيجعل الاميركيين مثل السوفييت سابقا، وسيجلبون لأنفسهم المزيد من العداوات في منطقة تعيش تنافسا لا ينطفئ.

في نظري كان سقوط نظام صدام أمرا حتميا، وكانت الفوضى والحرب المذهبية والعرقية أمرا محتملا جدا لكل دارس للوضع العراقي منذ سنوات، وقد ساعد على ذلك سوء إدارة الاميركيين للوضع بعد الغزو. الآن حان وقت اتخاذ القرارات الصائبة، لا تلك التي تدخل العراقيين في أزمات جديدة.

[email protected]