ترشيحات الديمقراطيين: بريق هذا الشيخ

TT

وقعَ تغير أساسي في الحزب الديمقراطي، ففي الأسبوع الماضي حدث رفض على نطاق واسع للمحاولات السامة لكلينتون لعزل باراك اوباما. فقدت الشخصيات الديمقراطية الصبر مع أسلوب التعصب الحزبي ـ وتشويه الحقائق والأعداء، والإعجاب السري بالشجار المؤلم والتصور القائم دائما انه من الضروري تشويه المناخ العام من اجل الفوز. هل يخدم هؤلاء حقا القضية الأكبر للحزب الديمقراطي، أو يستخدمون الحزب كوسيلة لتحقيق أغراضهم الشخصية؟

ثم وقع شيء مثير للدهشة يوم الاثنين، فقد وصلت مجموعة من أفراد أسرة كينيدي إلى قاعة بندر في الجامعة الاميركية في واشنطن لإعلان تأييدها لأوباما. وأعادت كارولين كينيدي للأذهان ذكرى والدها فيما حمل السناتور ادوارد كينيدي بانحناءة ظهره تاريخ الحزب الديمقراطي.

الى ذلك، فسيساعد إقرار أسرة كينيدي لأوباما الطبقات العاملة المؤيدة للحزب والكاثوليك وملايين من الاميركيين الذين نشأوا مع كارولين حتى وصولها إلى سن النضوج. والأكثر من ذلك، هذا هو السناتور ادوارد كينيدي المشرع المحترف، يؤيد حقيقة أن اوباما على استعداد أن يصبح رئيسا في يوم من الأيام. إلا أن الحدث كان مثيرا لسبب آخر، يتعلق بالتقاء النظريات والأجيال. فقد أثار أفراد أسرة كينيدي واوباما نفس المقارنات مرة بعد أخرى في خطابهم، وبينها: المثاليات في مواجهة الواقع، الإلهام في مواجهة الحسابات، المستقبل في مواجهة الماضي، واهم شيء الخدمات في مواجهة الأنانية.

فقد أعلن السناتور كينيدي «مع باراك اوباما: سنطوي صفحة سياسات إساءة التمثيل والتشويه القديمة. ومع باراك اوباما، يوجد زعيم وطني جديد قدم لأميركا نوعية مختلفة من الحملات ـ حملة ليست فقط عن نفسه، ولكن تتعلق بنا كلنا».

لقد بدأ كلينتون هذه المعركة، وبطريقته المحترمة رد الطلقة بسرعة إضافية.

فقد تحدث كينيدي عن الستينات. ولكنه لم يتحدث كثيرا عن أواخر الستينات، عندما انضم بيل وهيلاري للنشاط للسياسي. تحدث عن أوائل الستينات، ومثالية الجيل الذي شاهد الحرب العالمية الثانية. ومثالية الجيل الذي تظاهر، ومثالية الجيل الذي لم يتصف نشاطه، نسبيا، بتعاطي المخدرات والانغماس الذاتي. وقال كينيدي إن ثمة وقتا آخرَ عندما يترشح شاب آخر للرئاسة ويضع اميركا في مواجهة تحديات جديدة. وقال أيضا إن رئيسا اميركيا آخر، هو هاري ترومان، قال انه يجب أن نتحلى بالصبر. واستطرد قائلا انه يفتقر إلى الخبرة، ورد جون كينيدي قائلا: «العالم يتغير. الوسائل القديمة لن تنفع».

هاج الحضور في الجامعة الاميركية، وغالبيتهم من الشباب. فبالنسبة لهم يعتبر بيل وهيلاري كلينتون جيلا اكبر تماماً مثل ترومان وزوجته في عقد الستينات من القرن الماضي.

ترى، كيف يربط كينيدي، وهو في العقد الثامن من عمره، كلا من هيلاري وبيل كلينتون بالماضي؟ يمكنه فعل ذلك لأنه أثار تحديات جديدة. فعقب شبابه الذي كان يفتقر إلى الخبرة، أدرك كينيدي أن الحياة لن توفر له فرصة ان يصبح رئيساً. إلا أن الحياة تطلبت منه ان يصبح عضوا في مجلس الشيوخ، وتقبل بالفعل ذلك الدور وخدم هذه المؤسسة على نحو أكثر تميزا مقارنة بأي شخص آخر يعيش الآن، وهذا يعرفه جيدا زملاؤه الجمهوريون والديمقراطيون. بوسعه ان يفعل ذلك لأن للثقافة إيقاعات. احترام المؤسسات التي كانت سائدة خلال فترة مطلع الستينات موجود لدى الشباب اليوم أيضا. التصميم على الاهتمام المستمر، وهو شعور كان سائدا لدى الشباب في الستينات، عاد الآن مجددا. عاد مجددا أيضا الوعي بأننا لم نعد أفرادا شكّلنا أنفسنا بأنفسنا ونتمتع بالحرية لكننا نظهر كجزء من شبكات أخرى ومجتمعات. تركت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) آثارا حقيقية، مثل الرغبة العارمة في التضحية والخدمة، ولكن أسلوب كلينتون القديم في السياسة يتعارض مع هذه الرغبة. وعندما عبّر سيدني بلومنثال عن مذهب كلينتون، قائلا لجورج باركر الذي يعمل في «نيو يوركر» إن «الأمر ليس مسألة حزبية متجاوزة وإنما مسألة تلبية لها»، فإن ذلك يتعارض أيضا مع الرغبة المشار إليها. لم يتضح بعد إلى أين سيصل تأثير هذا المزاج العام بأوباما. إلا ان ثمة أمرا مهما حول الطريقة التي ارتبط بها كينيدي، 75 عاما، بجماهير يغلب عليها جيل يصغره بنصف قرن. ومع ذلك، فالذي بدا هو أن الرجل سيطر على المشهد.

* خدمة «نيويورك تايمز»