لغز اغتيال اللغز!

TT

لا يمكن فصل اغتيال عماد مغنية عن المتغيرات الاستراتيجية التي تعصف بالمنطقة من البوابة اللبنانية انطلاقا من الحدود مع اسرائيل وصولا الى الملفات الداخلية التي صارت اقليمية ـ دولية بامتياز.

فسقوط الرأس الامني ـ العسكري لحزب الله وضابط الارتباط مع سوريا وإيران في قلب دمشق يتعدى كونه عملية انتقام من دور مغنية المفترض في حرب تموز 2006، خصوصا وانه جاء على اعتاب مرحلة وصلت فيها ملفات اساسية الى الذروة، فالرياح التي هبت اخيرا في جنوب لبنان كشفت جمرا تحت رماد القرار 1701، والمحكمة الدولية في اغتيال الرئيس الحريري اصبحت ـ بعد التمويل ـ بحكم المنجزة مع وقف التنفيذ، والصراع السياسي اللبناني وصل الى حالة تقسيم عملي غير معلن، والضغط العربي على سوريا اطبق عليها الجهات ـ على مشارف القمة العربية المقبلة ـ تاركا امامها كوة وحيدة نحو التدويل الكامل للمشهد اللبناني. وحدها الوساطات والمفاوضات غير الرسمية بين سوريا وإسرائيل كانت تدل على احراز تغيّر ما لكنه لم يكتمل.

على خلفية هذا المشهد المركب والمسدود الافق وقعت الجريمة تاركة ثلاثة اسئلة بديهية: ما مستوى الخرق الذي ادى الى سقوط مغنية في قلب دمشق بين مدرسة ايرانية ومركز استخبارات سوري؟

العقل الامني الاول في حزب الله والأبرز في المنطقة والعالم والذي اطاح رؤوسا اسرائيلية في عمليات تفجير معقدة، كيف يسقط في تفخيخ بسيط كالذي اودى به؟

اين الحماية الكافية بل ما سر الاسترخاء الامني لهذا الرجل اللغز الذي يحمل ملفات تتجاوز في اهميتها وحساسيتها الشرق الاوسط وصولا الى قلب الامن القومي الاميركي؟

قد تؤدي هذه الاسئلة مضافة الى المشهد السياسي والأمني في لبنان والمنطقة الى استنتاجات تضع مغنية في موقع القربان للعبة تتجاوز حقد اعدائه ورغبتهم في اطاحة الرأس الذي كان عنوانا لتحدي امنهم وإسقاط هيبتهم العسكرية، لكنها استنتاجات لا تنفي تحت أي ذريعة ضلوع اسرائيل واستفادتها من الجريمة، كما انها لا تقلل من الكارثة التي حلت بحزب الله، مترافقة مع حسرة لكون «الحاج رضوان» لم يستشهد في ساحة الجهاد، فباغتته يد الغدر من حيث لم يكن يتوقع ان تأتيه!

* كاتب لبناني