على أميركا اعتبار العراق وأفغانستان كل شيء.. أو لا شيء

TT

أثناء سفري في العراق وأفغانستان أواخر يناير (كانون الثاني)، واصلت مواجهة فكرتين ترتبطان بالجدل الأميركي بشأن هذين النزاعين: ان عمليات القوات الخاصة الأميركية ما تزال فعالة على نحو متزايد، وكذلك الحال مع تكتيكات فرق عمل اعادة الإعمار في المحافظات.

وما يحدث الفارق الحقيقي هو ليس عدد الأميركيين على الأرض وإنما كيفية استخدام وجودهم. وهذا صحيح في كلتا نهايتي الطيف. وكما يتعلم القادة العسكريون استخدام أدوات مكافحة التمرد بصورة فعالة، فإنهم قد يكونون قادرين على العمل مع عدد اقل من الأشخاص. لنبدأ بالقوات الخاصة. يقول القادة العسكريون الأميركيون انهم يحققون نجاحات متزايدة في استهداف عناصر القاعدة والمليشيات الطائفية في العراق. ويصف أحد كبار الضباط الوضع بالقول «نحن نقتل عددا كبيرا من الأشخاص». ويصف كبار القادة العسكريين عدوا متحركا باستمرار ولا يمكن أن يخطط للعمليات بسهولة. ولكن التفجيرات الانتحارية الأخيرة في بغداد كانت تذكيرا بأن هذا ما يزال عدوا قادرا حتى عندما توجه له ضربات.

ويعكس نجاح القوات الخاصة تنسيقا أفضل في العمليات الاستخباراتية والقتالية. وفي العراق يشمل ذلك معلومات جديدة من مقاتلي العشائر السنية الذين كانوا يوما ما حلفاء للقاعدة ولكنهم تخلوا عنها. وفي منطقة الرصافة ببغداد، اذا ما اخذنا مثالا واحدا، سمعت عن متمرد سابق اسمه عادل المشهداني الذي يقاتل الان مع القوات الأميركية. وبفضل هذا التعاون جرى اعتقال او قتل 11 من 13 هدفا للقاعدة في المنطقة منذ نوفمبر(تشرين الثاني). كما أن القوات الخاصة تستخدم بعض الأساليب الجديدة في الملاحقة والاستهداف. ولم يتحدث القادة العسكريون عن هذه المناهج الجديدة باستثناء العموميات، ولكن احد المجالات الواضحة ملحوظ للجميع، وهو متعلق بجمع المعلومات. بدأت أدوات الاستخبارات بتحويل موازين الخوف، وذلك بجعل الخطر أكبر بسبب الانضمام إلى القاعدة أو الالتقاء بقادتها الميدانيين. كذلك راحت القوات الخاصة تعزز قوة الجيش العراقي المهزوزة مع سيطرتها على المحافظات الجنوبية، حيث كانت هناك فرق مكونة من 12 شخصا تشترك معها. وفي الطرف المعاكس، تحول الميزان لصالح الشؤون المدنية المتعلقة بفرق إعادة الإعمار. فبعد بداية بطيئة انطلقت بسرعة أكبر. بعض الأمثلة: في قطاع الرصافة تحدثت مع بعض اصحاب المحلات الذين فتحوا أعمالهم بفضل قروض صغيرة قدمت لهم من فرق إعادة الإعمار في المحافظات وتبلغ 5000 دولار. وفي محافظة واسط، تعمل فرق إعادة إعمار المحافظات في مناطق الأهوار الفقيرة. وفي جلال آباد بأفغانستان تخطط هذه المنظمة للقيام بمشاريع ري وتوليد الكهرباء مع المحافظ ومجلس الإقليم. في وصف النجاحات المحققة لمحاربة التمرد، لم أكن أعني أن كل شيء جميل في العراق وأفغانستان. ففي الأسبوع الماضي، دمرت هجمات انتحارية هدوء الرصافة التي بدت وكأنها آمنة حينما مشيت في الشوارع قبل ذلك. الأمن في العراق وأفغانستان هش والفوضى أقرب الى سيارة مفخخة على مسافة قريبة.

ومع تطلع الولايات المتحدة إلى عام 2009 وما بعده، يجب عليها أن تعتبر العراق وأفغانستان كل شيء أو لا شيء. طورت الولايات المتحدة أدوات غير تقليدية لحروب غير تقليدية. وبمزج القوتين اللينة والصلبة ربما يكون هناك طريق لتحقيق استقرار مجتمعين محطمين من دون ثمن اقتصادي وبشري عال لاحتلال أميركي طول المدى.

*خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»