كوبا.. شروط رفع الحظر

TT

«استقالة» فيدل كاسترو التي طال انتظارها قد تمنح الكوبيين والأميركيين فرصة لتفادي المأزق الذي يواجهانه منذ ما يزيد على اربعة عقود. وسيصبح راؤول، شقيق كاسترو، زعيم كوبا رسميا، وهو دور مارسه بصورة غير رسمية خلال فترة مرض كاسترو الطويلة. ويشير وصول القيادة الكوبية أخيرا الى النقطة التي يتعين عليها أن تعلن فيها تغييرا للحارس الدكتاتوري، الى أن هذا وقت مناسب لواشنطن لاقتراح اتجاه مختلف أكثر أملا. وبدلا من تسليم السلطة الى جيل جديد من الدكتاتوريين يمكن لقادة كوبا ان يتعهدوا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بحلول نهاية العام الحالي. ويمكنهم البدء بإطلاق سراح السجناء السياسيين من دون شروط.

ومن أجل التحفيز على الانتقال الأوسع الى الديمقراطية يجب على واشنطن أن تكون أكثر من مجرد مراقب سلبي. ويمكنها الآن أن تستخدم النفوذ الذي تمتعت به ولكنها كانت عاجزة عن استخدامه عندما كان كاسترو في السلطة. وفي مقابل انتخابات حرة ونزيهة تجرى مراقبتها من جانب مراقبي انتخابات دوليين مرموقين يمكن لإدارة بوش ان تعرض تخفيف الحظر الاقتصادي على كوبا وأخيرا رفعه، واستعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الكاملة مع الجزيرة.

ويمكن أن ينفذ رفع الحظر الاقتصادي على مراحل مرتبطة بتنفيذ الحكومة الكوبية شروطا اساسية ضرورية لإجراء الانتخابات. ويمكن لهذه ان تتضمن السماح لأحزاب المعارضة الحقيقية المستقلة بالعمل وتحقيق حرية الصحافة وفتح وسائل الاعلام امام المعارضة.

ولكن البعض قد يتساءلون لماذا لا ننتظر ونرى ما يفعله خليفة كاسترو قبل ان نقدم مثل هذا العرض؟ ذلك أنه من المهم بالنسبة للشعب الكوبي والعالم ان يرى واشنطن تسعى الى حريته ورخائه وأنها مستعدة للتعامل مع اية حكومة يجري اختيارها بصورة شرعية عبر انتخابات نزيهة. وقد يكون أكثر اهمية أن يواجه حاكم كوبا الجديد علنا بخيار واضح: استمرار الدكتاتورية وإطالة امد معاناة الشعب الكوبي أو اجراء انتخابات حرة ونزيهة وفتح الباب أمام عصر جديد من الأمل والرخاء لكوبا. وإذا ما مارست القيادة الكوبية الخيار الخطأ فإنها ستكون وحدها المسؤولة عن العواقب. وفي هذه المرحلة من التاريخ يتعين علينا أن ندرك أن مجرد فتح التجارة والعلاقات مع كوبا لن يضمن تحولها الى بلد ديمقراطي. على العكس من ذلك سيحاول دكتاتور كوبا المقبل الهيمنة واستغلال تدفق الاستثمارات الأجنبية وسلوك الزوار الأجانب بالضبط كما يفعل قادة الصين وروسيا وفنزويلا.

ان رفع الحظر وتطبيع العلاقات بدون المطالبة بانتخابات ديمقراطية بإشراف دولي يمكن أن يؤدي بالشعب الكوبي الى عقد آخر يزيد من الطغيان ويبدد فرصة نادرة لمساعدتهم على تغيير مستقبلهم.

وستكون أمام الولايات المتحدة فرصة واحدة لا غير لرفع الحظر. فما أن ترفع فسيكون من المستحيل تقريبا اعادة فرضها. وبالتالي فإنه من المهم أن تلعب واشنطن هذه الورقة مقابل الجائزة الوحيدة القيمة وهي: كوبا مستقلة وديمقراطية بعد كل هذه السنوات.

* استاذ بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي

خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)