التصفيق وقوفاً سبع ساعات!

TT

لكي نشرب فنجان قهوة سادة في كوبا، لا بد أن نذهب إلى السفارات العربية.. فهم يحتفظون بالبن المستورد الذي لا يطحن مع السكر في وقت واحد.. والشيء الآخر الذي ضايقنا هو خطب الرئيس كاسترو.. إن الخطبة الواحدة تستغرق من خمس إلى ست ساعات على الأقل. فمن عاداتهم إذا أعجبهم شيء من خطابه صفقوا واقفين.. وهم يفعلون ذلك بإسراف شديد.

أما الوقوف فلأسباب غريبة. مثلا إذا ذكر كاسترو اسم دولة من الدول الصديقة كان لا بد من التصفيق وقوفاً مهما بلغ عدد هذه الدول.. وعبارات كاسترو صارخة صاخبة. واللغة الإسبانية تساعده على كثرة الأوصاف للدولة الصديقة واللعنات الغزيرة كالأمطار والأوحال إذا هاجم أمريكا. والهجوم على أمريكا هو أشهى الأطعمة اليومية صباحاً ومساءً. فأمريكا هي العفريت الذي يتربص بكوبا براً وبحراً وجواً..

والاستماع إلى خطب كاسترو تجعلك دائم التلفت حولك وتحتك. فليس بعيداً أن يظهر لك عفريت أو قنبلة أو صاروخ أو لغم عائم في أي وقت. وقد فكر أحدنا أن يظل واقفا بدلا من أن يقوم ويقعد فظهر الاستياء على وجوه الكوبيين وظنوا أنه يسخر من الرئيس، وأنه تعب من الوقوف والجلوس. فطلبوا إليه أن يجلس أو يغادر القاعة. فغادرها ترمقه آلاف العيون، التي ترى أنه قليل الذوق والأدب. وقلنا لهم إنه مريض، وإنه مصاب بمرض السكر ولا بد أن يذهب إلى دورة المياه من حين إلى حين. ولا أظن أنهم قبلوا هذا الاعتذار!

إحدى الزميلات المصريات سألت كاسترو: وأنت لماذا لم تتزوج مرة أخرى؟ ولم تعرف أنها سددت سكيناً إلى قلب وعقل الرئيس. وظهر الامتقاع على وجهه ووجه الكوبيين. فقال لها كاسترو: أنا مستعد.. هيا بنا نجرب الزواج!

وهي لا تعرف أن كاسترو الذي بهدل أمريكا وأحرجها قد مسحت به أمريكا أرض كوبا وكل الدول الشيوعية. لقد هربت زوجته مع شاب أمريكي وتركت ابنتها، واختفت وسط مئات الملايين الأمريكان سعيدة بحريتها وحياتها بعيداً عن المنجل والمطرقة الشيوعية في القفص الذهبي الكوبي!