لبنان تحت الإنشاء

TT

ترجمة حرفية غير دقيقة من الإنجليزية under construction والأصح هو قيد الإنشاء. تذكرت هذه الترجمة الخاطئة وأنا استعرض الوضع اللبناني. بلد بلا رئيس وفرقاء يهدد بعضهم بعضا. حزنت كإنسان، وكعربي، ويزداد حزني كلما تذكرت هذا البلد الجميل الذي لا يضاهيه بلد عربي آخر ـ وقد لا أبالغ إن قلت إنه لا يشبهه بلد آخر في أي مكان في العالم. لكن هذا القول «مأخوذ خيره»، كما نقول في الخليج، فمن منا لا يتغزل بلبنان وهواء لبنان وجمال لبنان ودبكة لبنان وتضحيات لبنان... الخ. أعداء لبنان يتباكون على لبنان، والمتآمرون على لبنان يذرفون دموع التماسيح على لبنان. والقوى الإقليمية والمحيطة من الأصدقاء والأشقاء بل وحتى الأشقياء ـ مثل إسرائيل ـ يرددون ليل نهار أن همهم هو أن يروا لبنانا موحدا ديمقراطيا ومزدهرا مسالما يتعايش فيه الجميع ويتعايش بدوره مع الجميع!

عجيب أمر لبنان! هو الحاضر في كل الملتقيات العربية السياسية، هو الموضوع الذي يتساوى في زخمه وربما يتفوق هذه الأيام على الموضوع الفلسطيني.

إن حضر لبنان، فإنما هو يحضر شكلا ـ لا تأثير ولا رأي له، على الرغم من أنه حديث المجالس. القمة القادمة المزمع عقدها في دمشق يراد لها أن تنعقد في غياب لبنان. انعقاد القمة بدون لبنان، يعني عمليا إلغاء لبنان كدولة عضو في جامعة الدول العربية، وهذا بالضبط ما يريده أعداء لبنان، ومن ألغى لبنان في مقررات حزبه منذ عقود. هناك موقف معلن تقوده المملكة العربية السعودية مفاده عدم انعقاد القمة بدون لبنان، أي عدم انعقاد القمة قبل اختيار رئيس «توافقي» يمثل لبنان في القمة. فالقمة تعني تجمع الرؤساء العرب. لبنان بلا رئيس وبلا نائب رئيس، وهو محور القضايا التي ستتمحور حولها القمة، فهل يعقل مناقشة الوضع اللبناني بدون لبنان؟ إذن المطالبة السعودية منطقية ومعقولة، لا قمة بدون الجميع. وقمة يناقش فيها لبنان وهو غائب، تعني عمليا إلغاء عضوية لبنان من جامعة الدول العربية، وهذا ما يسعى إليه المتحمسون للقمة بدون حضور أهل القضية المحورية في القمة ـ لبنان. موقف المملكة العربية السعودية توافقها فيه مصر وباقي دول الخليج. لم يعد هناك تباين في المواقف السعودية القطرية. هكذا أتوقع، وهكذا توقعت منذ زمان حين كان الخلاف السعودي ـ القطري على أشده، وحين ظن البعض أن الخلاف بين البلدين فرصة للتكسب على حساب وفاق الطرفين. ولي العهد السعودي والرجل الثاني في المملكة ـ الأمير سلطان بن عبد العزيز ـ يزور قطر قريبا. كان الرجل الثاني في قطر ـ الشيخ حمد بن جاسم ـ قد زار المملكة قبل أشهر والتقى الأمير سلطان.

عمرو موسى «رايح جاي» لبيروت. السيد موسى واهم لظنه أنه يمكن أن يلعب دور طهران ودمشق والرياض والقاهرة في آن واحد. ما الذي يجعله يظن أنه سينجح هذه المرة؟ خيوط اللعبة في لبنان ليست في بيروت ولا هي في دمشق. اللاعب الأساسي في لبنان هو إيران ممثلة بوكيلها حزب الله.

الشاعر الشعبي خالد المريخي وجه بوصلة السيد عمرو موسى بقوله:

موسى حفت رجله وهو رايح وجاي ** له كم شهر ما له شغل غير لبنان

كانه يبي رايي أبا أعطي الراي ** لازم يغير وجهته صوب طهران

فهل نرى السيد عمرو موسى في طهران لحل مشكلة لبنان؟ وهل تحضر إيران قمة دمشق القادمة مثلما حضرت قمة الدوحة!

تصحيح: لبنان تحت الإنشاء، وليس قيد الإنشاء.