هل يكسب الهولندي معركة الفيلم؟

TT

منذ أشهر وهولندا تتحدث عن فيلم ضد القرآن، من 15 دقيقة فقط، يعتقد منتجه أنه سيقلب العالم رأسا على عقب. لماذا يفعلها، وكيف يمكن مواجهته؟

نجيب عن السؤال بسؤال، ماذا لو كنت عضوا في حزب يميني متطرف يؤمن بطرد الأجانب، ويكره الأعراق الأخرى، ويحمل عنصرية صريحة يجاهر بها في كل مكان، ما هي أفضل وأرخص حيلة لتوسيع دائرتك؟

يستحق أن أوضح أن التنظيمات العنصرية في أوروبا فشلت على مدى سبعين عاما في الوصول الى الحكم، أي منذ سقوط النازية الألمانية، رغم أن النظام يسمح لها بالعمل السياسي والشعبي. في بريطانيا، مثلا، بقي الحزب الوطني الفاشي بلا شعبية حيث رفضت أغلبية الناس انتخاب ممثليه إلا في دوائر صغيرة جدا. وقد حاول العنصريون لسنوات طويلة العزف على أوتار جرائم الأجانب، والبطالة بين المواطنين، وحديثا جدا الإرهاب الاسلامي، لكنها مرت بلا نجاح.

وقصة الفيلم هي قصة نائب برلماني يميني متطرف في هولندا، اسمه خيرت ويلدرز، اكتشف أن خير وسيلة لتحسين مواقع حزبه المتطرف سياسيا وانتخابيا عموما هي من خلال تخويف الأغلبية الهولندية من الأقلية المسلمة، ورفع حالة التوتر بين المسلمين وغيرهم في العالم. ولهذا الغرض خطرت له فكرة إنتاج فيلم ضد القرآن يلوم فيه الإسلام كديانة، ويقدم المسلمين المؤمنين به كأشرار.

النائب الهولندي يعتقد، وهو محق، أن فيلما استفزازيا كهذا سيدفع بالجهلة من المسلمين الى الاحتجاج الصدامي. يدرك أن مظاهرات صاخبة وربما عنيفة ستسير في كراتشي وطهران والقاهرة وربما لندن وبارس وغيرها الى درجة ستظهر في كل محطات التلفزيون وصدر الصفحات الأولى للجرائد في العالم، بما يقنع الطرف الآخر بان المسلمين صنف سيء، كما ظهروا في المرات الماضية. سيسانده عن جهل جمع من مثقفين، وإعلاميين، وسياسيين، عرب ومسلمين، سيشاركون في حفلات الزار الرافضة، كما فعلوا في المرات الماضية، بما يعطيه الدعاية والصدام المطلوب.

هدفه من الفيلم أولا استفزاز المسلمين، وتعزيز الكراهية مع الهولنديين، كما فعلت الرسوم الدانمركية من قبل. وسيتناسى المسلمون أن الفاعل واحد والمؤيدين له أقلية في المجتمع الهولندي، كما كانوا أقلية في المجتمع الدانمركي، وكما ظلت الأحزاب العنصرية أقلية طوال سبعة عقود.

ولا يمكن إفشال هدفه إلا إذا اتجه المسلمون الى معاملته كما يستحق بالتجاهل أو الاحتقار كحالة شاذة، والرد عليه بتوضيح موقف الإسلام من القضايا التي يطرحها. الحل هو بالرد على الآراء بالتوضيح والمشاركة والابتعاد عن تعميم السخط على الجميع في هولندا أو غيرها، ليكون الفيلم مناسبة جيدة لشرح الحقائق لا الصدام مع الأمم الأخرى.

فالعالم مليء بالوعاظ السيئين، لكن كما قال شاعرنا: «لو كل كلب عوى ألقمته حجرا... لأصبح الصخر مثقالا بدينار».

[email protected]