صداع نصفي اسمه عمل المرأة

TT

يشير خطاب وزير العمل إلى إمارة منطقة مكة المكرمة، الذي نشرت صحيفة «الوطن» السعودية خبرا عنه في عددها الصادر الأربعاء الماضي، بأن نظام العمل الجديد، وكذلك لائحته التنفيذية ألغى النص بعدم جواز الاختلاط، الوارد في الباب الخاص بعدم جواز الاختلاط، واستعيض عنه بمادة عامة تنطبق على الجميع رجالا ونساء، تشـــير إلى أن على صاحب العمل والعامل عند تطبيق أحكام النظام الالتزام بمقتضيات أحكام الشريعة الإسلامية، وتضمن الخطاب أيضا إشارة إلى أن وزارة العمل هي جهة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء، باعتبارها الجهة المعنية بتطبيق نظام العمل، كما يشير إلى أن التدخل في تطبيق الضوابط من قبل جهات أخرى، مخالف لما قضى به قرار مجلس الوزراء.

ويعكس الخطاب إشكالية التحديد الدقيق للمصطلحات، كما يعكس إشكالية تجاوز الاختصاص من قبل البعض، فإذا كانت وزارة العمل وفق قرار مجلس الوزراء المسؤولة عن تطبيق ضوابط تشغيل النساء، فلا يكفي أن تشير الى أن تدخل الآخرين «مخالف للقرار»، بل عليها من موقعها كجهة حكومية بارزة أن تقوم بكل الوسائل التي تحمي اختصاصاتها من تدخلات الآخرين، وأن تستخدم كل السبل لإيقاف التدخلات، فالمؤسسات المتحمسة لعمل المرأة، كتلك الشركة التي خصصت 60% من أعمالها الهندسية لمهندسات سعوديات وغيرها في حاجة إلى الحماية من تجاوزات البعض على اختصاصات وزارة العمل، لكيلا يتحول تشغيل المرأة إلى صداع نصفي بالنسبة لقيادات تلك المؤسسات والشركات صاحبة المبادرات الواعية.

فعمل المرأة يتطلب آليات تنفيذ واضحة ومحددة الملامح، بعيدا عن المصطلحات غير الدقيقة، كما يحتاج الأمر إلى تعريف المجتمع بجهات الاختصاص المخولة تطبيق الضوابط، لأن عدم وضوح هذه الجهات أو كثرتها من شأنه تعطيل أي مشروع، وإجهاض أية فكرة.. فهذه الجامعات والكليات والمعاهد التي تخرج آلاف الفتيات في مختلف التخصصات ستفقد قيمتها وأهميتها ودورها إن كانت وظيفتها إمداد طابور البطالة كل عام بالمزيد من العاطلات.. ويكفنا قصة عفراء، تلك الفتاة السعودية من مدينة سكاكا، التي مات عائلها لتعيش هي وأسرتها المكونة من 13 شخصا سنوات على بيع علب المشروبات الفارغة التي تجمعها والدتها، ويبيعها إخوتها، ثم تحصل بعد ذلك على الثانوية والبكالوريوس والماجستير من دون أن تجد عملا، لولا أن قام مسؤول كريم بإنهاء معاناتها.. وكم في البلاد مثل عفراء.

باختصار: إن التوسع في عمل المرأة سوف يسهم في مكافحة الفقر، وتحقيق ذات المرأة، وإنهاء معاناة الكثير من الأسر، وسيمد المجتمع بنصف طاقاته المهدرة، وبدلا من وضع العصي في العجلات إمنحوا شقائق الرجال الثقة ليعملن في سلام.

[email protected]