الطماطم في صحيفة السوابق!

TT

في كل النزاعات الشخصية والدولية فتش عن الطماطم، فهي دائما حاضرة وجاهزة ومستعدة لحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة، وإليك الكثير من الشواهد:

حينما أراد رئيس البرلمان الإيراني السابق مهدي كروبي أن ينتقد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لم يجد ما يقوله ساخرا سوى أن ينصحه بالاهتمام بأسعار الطماطم في بلاده بدلا من تغيير العالم..

ونشأت في سوريا قبل أيام مواجهات بين مئات المزارعين والشرطة في مدينة «طرطوس»، والسبب الطماطم، فلقد احتج المزارعون على قرار الحكومة منع تصدير الطماطم إلى خارج سوريا لمدة 45 يوما، بسبب ارتفاع أسعارها في السوق المحلية إلى مستويات قياسية..

وحينما أرادت المرأة الإنجليزية الاحتجاج على سياسة رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، لم تجد وسيلة للتعبير عن غضبها سوى أن تقذفه بحبة طماطم، وقد شاهد الملايين عبر القنوات الفضائية آثارها على ملابسه..

ولم يعثر سكان إحدى المدن الإسبانية على ذخيرة حية يستخدمونها في حربهم الضارية، التي تقام سنويا، سوى الطماطم، فأطلقوا على تلك الحرب التقليدية التي تقام كل عام اسم حرب الطماطم..

وإبان الحرب الأهلية في لبنان يقال إن الإنسان كان يمكن أن يفقد حياته ثمنا للطماطم (البندورة)، فعلى الحواجز كان يفرز الفلسطيني عن اللبناني من خلال نطقه كلمة (بندورة)، فاللبناني ينطق كلمة (بندورة) بفتح النون، أما الفلسطيني فينطقها بتسكين النون، وفي مناطق التماس كان الموت ينتظر من يسكٌن النون في حاجز، أو يفتح النون في حاجز آخر!!

وكثيرا ما سببت الطماطم أزمات سياسية بين المغرب وإسبانيا، حينما يلجأ مزارعو الطماطم الإسبان إلى مهاجمة الطماطم المغربية وإتلافها عند دخولها إلى حدودهم، خاصة أن الأراضي الإسبانية هي البوابة الطبيعية لوصول الطماطم المغربية إلى الأسواق الأوروبية، وبالتالي فإن العلاقة بين المغرب وجارتها إسبانيا كثيرا ما يشوبها التوتر بسبب الطماطم..

ويمتد الخلاف حول الطماطم إلى تحديد هويتها، فهناك اختلاف في وجهات النظر حول تصنيفها إن كانت من الفاكهة أم الخضروات، ولكل وجهة نظره المقنعة، فلقد عرفت الطماطم قديما في أوروبا باسم تفاح الحب «love apple» بينما هي في المائدة تقدم ضمن أطباق الخضروات..

ومن خوف الناس من هذه الطماطم التي تتسبب في الكثير من الاختلافات، وتحشر أنفها في مختلف النزاعات أطلقوا عليها لقب المجنونة، وإذا وجدت نفسك في حلقة الخضروات صباحا، واستمعت إلى صوت الدلال يتعالى في فضاء المكان صائحا: «علينا يا أهل المجنونة»، فلا يذهب بالك بعيدا، فهو لا يقصد سوى الطماطم، وهي مجنونة في نظرهم، لأن أسعارها أكثر تقلبا من البورصات الخليجية، إضافة إلى سجلها المقترن بالكثير من مظاهر الجنون البشري..

فاللهم أعطنا خير «الطماطم» واكفنا شرورها.

[email protected]