قلبي يدق في جسمين!

TT

محمد عبد الوهاب يتساءل: قل لي عمل لك إيه قلبي.. ولا أظنه يعرف الإجابة.. ولكن أنا أقول له عمل لي إيه قلبي.. فأنا أدرى به، وأكثر معرفة وأقرب إحساسا وأعمق قلقاً وأرقاً وقرفاً وحزناً ويأساً بعد ذلك..

قل يا قلبي ماذا حدث؟ فأنا رأيت وفكرت ثم رأيت وأعجبت فقررت، ولما قررت تجمدت عند هذه الصورة، وهذا الوجه وهذا الشكل وهذا الشخص.. هذا ما حدث ويحدث لأي واحد، وليس هذا كل ما في الحياة وإنما هذه هي بداية الحياة معاً، وكانت حياتي قبل ذلك عزوفاً وعزفاً منفرداً، وكنت أنا المؤلف والملحن والمطرب والجمهور أقول عن نفسي: آه.. وأقول لنفسي الله.. ثم أواجه الدنيا وفي أذني كل الذي همست به لنفسي وليس في أذني مكان لكلام آخر ولا في عقلي ولا في قلبي ولا في طول حياتي وعرضها. ثم أطلقت عيني في أحوال الناس و«فنجلت» أذني وعايشت الضوضاء العاطفية والشوشرة العقلية، وانزويت أفرز الذي أعجبني عن الذي لم يعجبني.. وكنت أنا أول الذين لم يعجبوني فقد استشعرت الهزيمة وواجهت نفسي كعدو لها.. وأنت عندما تختار نفسك عدواً لك فأنت قد اخترت أسوأ الأعداء، لأنه يسكن تحت جلدك ولا يفارقك لا ليلا ولا نهارا.. إنه وجع القلب وصداع الرأس والحيرة بين الشواطئ والوديان، بين الذئاب والحملان.. ولا بد أن تمضي، فما الحل؟

ليست هذه مشكلة.. فأنا قررت.. وأنا ملزم.. فالقلب أحب ولا بد من الانتظار طويلا لكي ينفتح قلب آخر.. ثم ينفتح قلبان في وقت واحد.. ويصب أحدهما في الآخر حتى تتساوى الهموم وتتوازى. هنا فقط تكون إنساناً عادياً.. أحبَّ ثم صار محبوباً وهذه هي البداية لكل شيء.. وبعد ذلك يكبر كل شيء وتختفي براءة الأطفال ونضارة الشباب.. وتستخرج سلاحك السري الوحيد وهو الصبر على الذي تغير في العين وفي الأذن وفي القلب وفي العقل وفي الناس، فما هذا؟ هذا هو الحب الناضج والعقل السليم توأم القلب السليم.. فقلبك صار يدق في جسمين وعقلك يضيء في رأسين، وتتواريان في قبر واحد ثم تنفصلان، واحد في الجنة وواحد في النار.. أنا في النار!