حرائق حزب الله في لبنان

TT

لا تصدق ان من يخزن السلاح، وينفق ملايين الدولارات على تدريب اربعين ألفا من شبابه، يفعلها من قبيل الزينة. لهذا بات حزب الله نفسه قضية حقيقية، وليست مواقفه السياسية التفصيلية من الرئاسة والحكومة وشبعا. واذا كان قادة الحزب الاصفر يظنون انهم بالتمدد، والمشاغبة، وبث الفوضى، يرهقون ويحاصرون خصومهم، فهم على حق، ولكن أيضا يرهقون الكل بما في ذلك المواطن اللبناني الشيعي الذي صدق في البداية شعارات المقاومة والمعارضة. صار يدفع ثمن ممارسات حزب الله اكثر من أي سني او مسيحي آخر في البلاد. فأكثرية ضحايا الحرب التي مر عليها عامان تقريبا، ولا يزالون ضحايا حتى اليوم، هم شيعة لبنان، لا سنته او مسيحيوه. كما أن اغلاق طريق المطار، وإلغاء عشرات الرحلات الدولية، يضران كل اللبنانيين في الداخل والخارج.

حزب الله، الفريق الموصوف سابقا بالخصم العاقل، يتغير من داخله مع تزايد التوتر الايراني في المنطقة، وتزايد المطالب من حزب الله لقاء المنافع التي يستلمها. وما كيبل الاتصالات الامنية السرية الذي حفره حزب الله إلا دليل آخر على تورط الحزب في علاقة مرهقة له، اكثر مما ترهق خصومه. نجح الايرانيون في تقزيم الحزب السياسي الوطني الكبير الى كتيبة حرب، كما حدث لفتح وبقية الفصائل الفلسطينية سابقا في لبنان.

بحالة الهيجان والتحدي يرتكب حزب الله خطأين كبيرين، الأول يحاصر بسياسته مواطنه الشيعي اللبناني، بخلق عداء غير مبرر مع بحر سني عربي. فقد كانت جموع السنة الى حرب الصيف الماضية تعتبر الحزب رمزا للمقاومة، وترفع صور السيد حسن نصر الله. ما نسب الى حزب الله بالأمس من قطع طرق ومظاهرات، وتهجم على الحكومة، وشيوع استخدام المصطلحات في الحديث عن الصراع الطائفي السياسي، جعل صورة الحزب اقرب الى التيار الصدري في العراق بسمعتيه الطائفية والميلشياتية السيئة.

اما الخطأ الثاني فهو في المراهنة على ايران وبرنامجها. فمهما بدا الوضع مسيطرا عليه في داخل طهران إلا أن هناك تململا ونقدا شعبيا كبيرا معارضا لسلطة المحافظين المتطرفين اضطرتهم الى منع غالبية الاصلاحيين الاسلاميين من دخول الانتخابات، ادراكا منهم بان الشارع الايراني صار ينبذ المتطرفين في الحكم. واذكر هنا قصة زميل عربي زار طهران في العام الماضي، ومن المؤمنين بالموقف الايراني، يقول إنه بعد ان استقل سيارة الأجرة سأله السائق من اين هو فأبان له بانه عربي، هنا اوقف السائق سيارته وطرد الراكب منها، بحجة ان العرب مصوا دم الايرانيين وأفقروهم. فقد استقبل إعلان الحكومة تمويل وتعويض خسائر حزب الله باستهجان علني في داخل ايران وكذلك اعلانها دعم حماس، مما اضطرها لتقليل الحديث عن مساعداتها الخارجية، بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية داخل البلاد.

فحزب الله، عندما يبني مشروعا ضخما تحت الارض لمد شبكة اتصالات سرية، لا يفعلها من اجل المواطن اللبناني او الشيعي بل من اجل ايران، في بلد يصر أهله على ان تطرح الحكومة شبكة الهاتف الجوال في مناقصة علنية، وقد طرحتها مرتين ولم تمرر بعد.

[email protected]