صراحة عمر الشريف

TT

يتميز عمر الشريف بأنه رجل صريح جداً طوال الوقت ولا يكذب إطلاقاً، فهو يرى الكذب ضعفا والضعف نقيصة تأخذ من احترام الرجل لنفسه ولكرامته. كما أنه منضبط في مواعيده دائماً حتى ولو كان زحام القاهرة في ذروته، فهو يأتيك في المكان والموعد المحددين، ويغضب جداً من أولئك الذين لا يحترمون الوقت. هذه بعض من صفات عمر التي جعلتني افتخر بصداقته وأحمل له كل الحب والتقدير. وحدث عندما وصلت إلى مطار نيويورك منذ بضعة شهور أن وجدت ضابط الجوازات ينظر إليّ ويبتسم، وعندما سألته وأنا واقف أمامه عن سبب ابتسامته؟ قال لي: «أنا سعيد جداً أنني قابلت في أسبوع واحد اثنين من أشهر الشخصيات المصرية». وعرفت منه أن عمر الشريف مر عليه مثلي قبل أسبوع من وصولي إلى نيويورك، وذلك عندما كان يصور مسلسل «حنين وحنان».. وجمعتني وعمر العديد من الأحداث والمقابلات مع أصدقائنا المقربين في مصر وغيرها من البلدان. وكانت المرة الأولى التي أقابله فيها عندما جاء مخرج فرنسي لإخراج فيلم تسجيلي يبث على الهواء مباشرة إلى أميركا من مصر عن الأهرامات وأسرارها. وكان عمر الشريف هو الراوي في الفيلم، وكنت ومعي العالم الأثرى الأمريكي، مارك لينر، نتحدث معه عن الأهرامات وسرها وغموضها.. وحدث من أحد النصابين المصريين وكان يعيش في الخارج أن استطاع عن طريق الاحتيال أن يوقف بث هذا الفيلم على الهواء مباشرة من مصر بطريقة ماكرة لا أعرف كيف فعلها إلى الآن؟ وكيف حصل على عقود مكتوبة من هيئة الآثار في ذلك الوقت؛ تمنحه حق بث الأفلام المسجلة عن الأهرامات إلى الخارج خلال مدة الصيف؟ وفي ذلك الوقت لم تكن السموات فتحت مثل الآن، ولذلك لم يكن هناك غير التلفزيون المصري يقوم بنقل البرامج على الهواء مباشرة. واستطاع هذا الرجل أن يحصل على عقد بأنه صاحب الحق الوحيد في البث على الهواء مباشرة. وكنت في غاية الدهشة ومعي عمر الشريف يتساءل عن كيفية حدوث هذا النصب والاحتيال، وفوجئنا بأن النصاب يقوم بابتزاز التلفزيون الأمريكي ومحطة الـ LBC بعدما أطلق إشاعة بأنهم قاموا بعمل برامج عن القمامة بالقاهرة. وللأسف الشديد وجد هذا النصاب من يسمعه ويقف معه في مصر وباءت كل الطرق لتصحيح الموقف بالفشل، ولم يجد منظمو الفيلم التسجيلي حلا سوى اللجوء إلى قلعة حفيد اللورد كارنارفون الذي مول حفائر هوارد كارتر بوادي الملوك، وأدت إلى الكشف عن مقبرة «توت عنخ آمون». وقام منظمو البرنامج بعمل البث المباشر من هذه القلعة. وكان هذا أول فيلم مسجل يبث عن آثار مصر، ولكن للأسف الشديد باع بعض الجهلاء في هيئة الآثار والتلفزيون المصري مصلحة وطنهم إلى هذا النصاب. وكانت صراحة عمر الشريف وخوفه على مصلحة بلده هما اللذان جعلاه يتحدث عما حدث، ويشير إلى الفساد الذي تم. وفي اللحظات الأخيرة تدخل فؤاد سلطان وكان وزيراً للسياحة في ذلك الوقت، واستطاع أن يعرف ما حدث ويصدر قرارا بإذاعة البرنامج على الهواء مباشرة، ولكن كان الوقت قد فات، وكانت المحطة بالفعل قد تعاقدت مع وريث اللورد كارنارفون على بث البرنامج، وفي نفس الوقت لم أوافق على أن أسافر إلى إنجلترا والبقاء في القلعة لمعرفتي أن الآثار الموجودة داخلها هي بعض ما سرقه اللورد كارنارفون من مصر.

www.guardians.net/hawass