قضايا برلمانية

TT

القضية عند نواب البحرين هي السيدة هيفاء وهبي: هل تغني في المنامة أم لا تغني؟ هل تحتمل الأمة، وأهلها، آها اخرى من سيدة الطرب الحديث ومرآة التطور والحداثة، ام لا تحتمل الأمة، وأهلها، ونوابها الافاضل، آها أخرى ولحظة اخرى من لحاظ هيفاء، التي آنستنا «السح اندح مبوه، الواد طالع لأبوه» عندما غنت هي رائعتها الملحمية الكلاسيكية «بوس الواوا، خللي الواوا يسح». فأي سحة افضل من الأخرى، سحة شريفة فاضل ام سحة هيفاء وهي تغني للاطفال، متحررة من كل ما يحجب الأبصار عن متعة الأنظار والأسرار.

نواب الكويت كانت قضيتهم اكثر تشعبا وقومية. من ناحية، الاقتصاد الوطني وما خرج من الاحتياطي الى حفلات نجوى كرم. والعامل الاخلاقي هنا هو فقط ما يتعلق بثروات الأمة، وما عدا ذلك فلا سحَّ في أغانيها ولا دح ولا واوا. غير ان الواوا ورد في احتجاج السادة النواب على حفلات واغاني مواطنتنا الاخرى، الآنسة نانسي عجرم، التي يقال ان معجبي الخليج اشتقوا من اسمها فعل يعجرم عجرمة. بمعنى نانسي لا بمعنى العجرمة. ولكن نانسي اسم اعجمي، معلول، لا يشتق منه ولا يسمح ولا يدحّ.

قضية النواب في البرلمان اللبناني مختلفة تماماً. فالمسألة السحية لا يمكن اثارتها لأنها جزء من الثروة الوطنية التي يتم تصديرها. وبعكس التفاح والعنب والكرز، لا يتأثر هذا النوع من الثروات بالأزمات السورية ـ اللبنانية، عندما تغلق الشقيقة سورية الحدود «لأسباب فنية» في وجه الصادرات اللبنانية. هذا النوع من الثروة الوطنية يستخدم الاجواء الحرة للتنقل.

ثم ان البرلمان اللبناني مغلق منذ عام، أسوة بالبرلمانات العربية العزيزة التي يصعب على مواطنيها ان عرفوا اذا كانت مغلقة او مفتوحة. وتمارس البرلمانات الآنفة الذكر في الفتح ما يمارسه البرلمان اللبناني في الاغلاق. وربما اقل بكثير. ومنذ ان اصبح الرئيس نبيه بري أميناً عاماً لاتحاد البرلمانات العربية أدركنا، بالتجربة وحسن السليقة والغريزة العربية التي لا تخطئ، أن العدوى آتية. ويمكن تسميتها، للاختصار، جرثومة الديمقراطية العربية السمحاء، أو حكم الشعب للشعب بواسطة ممثل واحد له.

لذلك تتصدر القضايا الكبرى امام النواب العرب مسائل المصير وهموم الناس الساحقة: هيفاء والواوا ام نانسي يا طبّ طب دلع، التي تلت تحفتها الكلاسيكية الاخرى «آه ونص» ومطلعها الكلثومي البيرمي الخيامي الشهير: «قرّب بصّ بص». ويروي الشاعر الساخر جورج جرداق، لمناسبة هذه الصادية الرائعة، ان المطرب سامي الصيداوي لم يكن يميز بين الصاد والسين بسبب تشابه الجرس. وذات يوم التقاه فشكا المطرب من المحامي مطانيوس عيد. وسأله الشاعر عن السبب فقال «أخي أنا لا أحب الذين في أسمائهم حرف الصاد».