أوان السلام لإسرائيل

TT

لم تصل اسرائيل الى أوج قوتها كما هي الآن. كان الزمن في صالحها طوال السنين الماضية. ولكن يبدو لي ان هذا الزمن، اخذ يميل لتغيير مساره. قد يستغرب القارئ اذا قلت ان العالم العربي الذي لم يصل الى حالة من التمزق كما هو الآن تنتظره سنون سمان بعد هذه السنين العجاف.

بعد سلاح النفط الذي بيد العرب والذي استعملوه في السبعينات، ضمت ترسانتهم سلاحا جديدا الآن، وهو المال، كل هذه المليارات من الاموال العربية السيادية والفردية المكدسة في البنوك الغربية والآخذة بالنمو بشكل مثير. سيكون بإمكانهم بواسطتها دك اقتصاد اي دولة او مؤسسة. سيتلاشى اثر الاموال اليهودية امام المال العربي. ولابد ان نتعلم عن قريب كيف سنحسن استخدامه لا لتنميته فقط بل وكذلك لحل مشاكلنا السياسية والوطنية.

يردف هذا التدفق المالي تدفق سكاني يوحي بأن المسلمين والأفروآسيويين سيشكلون في اواخر هذا القرن الأكثرية في كثير من الدول الغربية، وربما في الاتحاد الاوروبي برمته، ولا سيما بعد انضمام تركيا. وسيشكلون اقلية كبيرة في امريكا. ولا بد ان يتعلموا قريبا كيف يستعملون عضلاتهم في التأثير على سياسة هذه الدول. لن يبقى اللوبي اليهودي الوحيد في الساحة. استطاعت الصهيونية ان تستغل عقدة الإثم الاوروبية عما جرى في الهلوكوست. ولكن الجيل الذي شهد ذلك وتحمل ذنوبه سينقرض قريبا ويظهر جيل لا ينوء بهذا الإثم. وسيرى ما فعلته وتفعله اسرائيل بالعرب. هناك مؤشرات قوية لنمو جديد في معاداة السامية بين الاوروبيين. لابد ان يفيق الغربيون عن قريب لهذه الحقيقة: لماذا يتحملون كل هذه الاضرار والعداء الاسلامي من اجل اسرائيل؟

تقول مؤشرات اخرى ان الصين ستصبح قريبا القوة الاقتصادية العظمى في العالم. للصين علاقات ود تاريخية قوية معنا وفيها أقلية كبيرة من المسلمين واخذت توسع استثماراتها في العالمين العربي والافريقي. لن تبقى امريكا القوة الوحيدة في الساحة.

الى جانب الصين ظهرت قوة ضاربة في المنطقة: ايران. اذا نجحت في فرض هيمنتها على الهلال الخصيب فستجد اسرائيل ذئبا نوويا عاتيا على حدودها.

اعتمدت الصهيونية على تحالفها مع القوة الصاعدة للاصوليين والمحافظين الجدد في امريكا. ولكن نجم هذه الكتلة اخذ بالأفول بعد تخبطها عالميا واقتصاديا وما جرته على امريكا من أضرار وفشل.

استنفدت اسرائيل كل مصادر الهجرة اليهودية. جل من يفد اليها الآن غير يهود. وتجاوز اخيرا المغادرون منها عدد المهاجرين اليها. ولابد ان تزداد هذه الظاهرة بازدياد العنف. العرب الآن في حالة يرثى لها. ولكنها مرحلة انتقالية في رأيي. لا بد ان يثوبوا لرشدهم قريبا ويسلموا زمامهم لمن يحسن القيادة. لهم بلاد غنية وامكانات عديدة وكوادر متنورة ومؤهلة. لقد آن للعملاق ان يقف على قدميه.

لم يعد الزمن في صالح اسرائيل. ولو كنت مواطنا فيها لبدأت بحزم امتعتي بعد ان اهمس في اذن المسؤولين: «لخاطر السماء، احسموا الموضوع وتوصلوا الى تسوية دائمة قبل فوات الاوان. لن تأتيكم فرصة احسن من هذه الفرصة للسلام».