الذي لم يقله الوزراء العرب

TT

على مدى الساعات الطوال التي قضاها وزراء الخارجية العرب في مؤتمرهم الاستثنائي بالقاهرة لمناقشة أزمة احتلال لبنان، من قبل حزب الله الإيراني، كان هناك سؤال مهم لم يطرحه الوزراء العرب على أنفسهم.

السؤال هو: ما الذي تريده من الجامعة حال تعرض بلدك لما يتعرض له لبنان من احتلال إيراني للعاصمة بيروت؟ ما الذي تريده قطر، مثلا، في حال تحركت جماعة واحتـــلت الدوحة؟ أو ما الذي تريده سلطنـــة عمان، أو البحرين، والأردن إذا تحركت جماعات تريد تقويض النظام، وما الذي تريده صنعاء في حال قام الحوثيون بتقويض النظام اليمني؟ هذا هو السؤال!

هل تقبل الدول العربية الطرح السوري، وتقول إن احتلال دولة عربيــــة، على يد حزب تابع ويأتمر بأمـــر طهران، هو شأن داخلي، وعلى الجامعة أن لا تفعل شيئا؟

هل تقبل الدول العربية أن يخرج المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية ليحاضرنا ويقول لنا ما يجب وما لا يجب؟ كيف نقبل ذلك، خصوصا أنه ليس بين وزراء الخارجية العرب من يتحدث الفارسية!

ما يحدث في لبنان ليس شأنا داخليا، على الإطلاق. كما أن الأمر أكبر من لبنان. اختطاف دولة عربية، واحتلالها، والانقلاب على تركيبتها هو اكتمال للتوســع الايراني بالمنطقة، وهو أمر يتجاوز «الهلال» الذي حذر منه عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، فالهلال أصبح قمرا، ونحن الآن أمام الخارطة الإيرانية الجديدة.

وما يحدث في لبنان ليس شأنا داخليا فمنذ عام 2004، فقط، اعتمد مجلس الأمن خمسة عشر قرارا بحق لبنان، ولا ننسى أن هناك محكمة دولية بحق من اغتالوا رفيق الحريري وغيره من الموالاة.

فكيف يقال بعد كل ذلك إن ما يحدث في لبنان شأن داخلي، أم أن طهران هي التي أصبحت تقوم مقام الأمم المتحدة، وبالتالي فعلى من يريد الشرعية من الدول العربية أن يذهب إلى إيران، ومن يريد أن يثبت مصداقيته فعليه أن يمتثل لأوامر طهران لكي لا يحسب من ضمن العملاء؟

فهم غريب وعجيب للأمور خصوصا ونحن نرى طهران تفاوض واشنطن على العراق، وسورية تفاوض إسرائيل بهدوء لا يتمتع به حتى محمود عباس، الذي تخونه حماس. بل ان عدم التحدث عن تفاوض سورية مع إسرائيل، تجاوز الهدوء إلى الصمت المطبق، من قبل الجماعات العربية الساعية إلى تقويض الأنظمة العربية مثل الإخوان المسلمين، وحماس، وحزب الله!

وردا على السؤال الذي لم يطرحه الوزراء حول ما الذي تريده من الجامعة حال تعرض بلدك لما يتعرض له لبنان، قال لي أمس أحد وزراء الخارجية العرب «كان السؤال يتبادر في ذهن كل الوزراء العرب، ولكن بصمت.. الجميع يدرك هذا التساؤل، لكن بصمت».

والصمت أحد أبرز مشاكل عالمنا العربي، فخطر أن يصمت العقلاء ويتـــركوا المجال للجماعات التي تهــــدد أمننا ومستقبلنا. ولذلك كان مهمــــا جدا ما فعــــله وزراء خارجيــــة كل من السعودية ومصـــر أمام التآمر السوري الواضح، والتردد من قبل البعض، الذي برز في اجتماع الوزراء العرب في القاهرة.

[email protected]