اللهم علمني كيف ينام التفاح!

TT

أعرف كيف نام أهل الكهف. ناموا مئات السنين. وأعرف كيف نام العفريت في ألف ليلة. نام على ساقي فتاة جميلة عند حافة بئر والبئر قد امتلأت بالأفاعي..

وأعرف كيف كان ينام مؤلف قصص الأطفال الدنماركي هانس أندرسن. كان يكتب إلى جوار فراشه هذه العبارة التي يوجهها إلى صاحبة البيت الذي يسكنه: لست ميتاً وإنما أبدو كذلك!

وأعرف كيف تنام الخيول واقفة مفتوحة العينين. وأعرف كيف ينام كلبي. يضع رأسه على جزمتي مما يضاعف غيظي وحنقي عليه.

وكيف يكون البيات الشتوي عند الحيوانات والحشرات. إنها تنام تحت الأرض وفي الطين شهوراً.

وكيف ينام بواب عمارتنا. ينام على البلاط وقد وضع حذاء تحت رأسه ولا يهزه ولا يحركه صوت الأسانسير طالعا نازلا.

وكيف ينام أساتذة جامعة القاهرة في القطار إلى الإسكندرية من أجل خمسة جنيهات أو عشرة جنيهات أو عشرين. ينامون وقد وضعوا أيديهم على كراساتهم ولا يوقظهم إلا وقوف القطار في محطة دمنهور أو محطة سيدي جابر.

أما الذي لم أعرفه فهو ما قاله الشاعر الإسباني لوركا. ففي إحدى قصائده يقول: أريد أن أنام وأحلم كالتفاح في البحر الهائج.. والحقيقة لا أعرف كيف ينام التفاح مختلفاً عن البرتقال والخيار والبطيخ. وإذا هاج البحر واهتزت السفينة فكيف لا يهتز التفاح أيضاً. وأتيت بالتفاح ووضعته أمامي. ولم ألحظ أنه ينام بطريقة خاصة. أو أنه نام. ولكن الشاعر السريالي العبثي رآه ينام. فالقول ما قاله فلا يصح أن نحاسب بالعقل ما يقوله شاعر بالخيال والوهم.