على الطريق مرة أخرى

TT

لقد حل فصل الصيف، وأسعار البنزين تحلق عاليا في السماء. تتوقع هيئة صناعة السفر انخفاضا بنسبة 1 في المائة في عدد الرحلات التي سيقوم بها الأميركيون خلال هذا الصيف مقارنة بصيف العام الماضي. ولكن لا يبدو أن الجميع يثق في مستقبل حرية التنقل لدى الأميركيين. فبعض خبراء البترول يتوقع انتهاء عصر الرحلات الصيفية التي اعتاد عليها الأميركيون.

وسوف يكون ذلك أمرا مؤسفا، ليس لمجرد أنه افتقاد لأسلوب من الترفيه اعتاد عليه الأميركيون ولكن لأن الأميركيين اعتادوا من خلال هذه الرحلات ليس فقط على اكتشاف ما حولهم ولكن على اكتشاف أنفسهم كذلك. فحبنا للطريق ليس مجرد نتاج للثورة التي وقعت في امتلاك السيارات بعد الحرب العالمية الثانية. كما أن الأدب الخاص بالسيارات لم يبدأ ـ أو ينته ـ برواية «على الطريق» لجاك كيرواك عام 1951. وقد نشر ولت وايتمان قصيدته «أغنية الطريق المفتوح» في «أوراق العشب» عام 1900، وفيها يحاول استكشاف حب الأميركيين للمغامرة.

منذ هذه الساعة، الحرية!

منذ هذه الساعة، أبتعد بنفسي عن الحدود والخطوط الخيالية،

أستمع إلى الآخرين، وأفكر فيما يقولون،

أتوقف، أبحث، أتلقى، أتأمل،

برفق، ولكن بتصميم، أبتعد عن القيود التي تريد تقييدي ألم تكن هذه الرغبة هي التي بدأت تجربة أميركا العظيمة في أول الأمر ـ أن نبتعد عن القيود التي تحاول تقييدنا؟ وفي الثمانينات من القرن الثامن عشر، اقترح بين فرانكلين أن حركة السكان في الغرب سوف تنقذ أميركا من الآثار المزعجة للتقاليد الأوروبية التي استولت على الساحل الشرقي. ومنذ ثلاثينات القرن التاسع عشر، بدأ هوراس غريلي حث المضطهدين على «الذهاب إلى الغرب أيها الشباب!» للعثور على الثروة. وحتى أواخر القرن التاسع عشر، كانت الجبهة الغربية صمام الأمن القومي التي تعد بإنقاذنا من الفقر، والركود والأخطاء القاتلة.

لكن رحلات الطرق الحالية تذهب بكل هذه الذكريات، وتضيف الانتقال السريع والكثير من الحنين إلى الوطن. وفي وقت واحد، نجدها تقدم جانبين من جوانب الحياة الأميركية. فمن ناحية، فإن الذهاب في الرحلات البرية كناية عن معارضة ما اعتدنا عليه من الحياة والبحث عن الجديد.

وفي واقع الحال، فإن استكشاف النفس كان موضوعا بارزا في أدب الرحلات. ولننظر إلى «زين وفن صيانة الدراجة البخارية» لروبرت بيرسيج عام 1974. وهناك وليام سارويان و«علاج النفس نوع مما يحدث في الرحلات البعيدة».

وبمرور السنوات، أصبحت الرحلات البرية أمرا شائعا. وفي عام 1988، شارك ثلاثة أشخاص في رحلة لمدة 10 أيام من بيركلي إلى بريسنتون. وقد ركبنا سيارة دافيد شراير ذات الأبواب الأربعة والسلندرات الستة، وهي من نوع فورد موديل عام 1958. وقد توقفنا للعب كرة السلة وشاهدنا نهائي دوري المحترفين بين لاكرز وبيستونز. وكان هناك رجل عجوز في لاس فيجاس، ما زال يدين لي بالمال (راهنت أن لاكرز سيفوز في الشوط الثاني، وراهن هو على بيستونز). وقد لعبنا مع بعض الأطفال في ألاباما.

وما زلت أذكر كيف كنت أستلقي على الطريق في ديث فالي، وأنظر إلى النجوم. وأعتقد أن الرحلة البرية التي ربما لن تحدث عام 2008، سوف تكون نتيجة للتكلفة العالية لبرميل النفط هذا الصيف. ومرة أخرى، فإن السيارة ليست هي الوسيلة الوحيدة للسفر (لقد سافر محرر قديم في لوس أنجليس تايمز، وهو تشارلز لوميس على قدميه من أوهايو إلى لوس أنجليس في 143 يوما) والبنزين ليس هو الوقود الوحيد الذي يمكن أن ينقلنا من هنا إلى هناك. وربما يتدخل الإبداع الأميركي الذي اعتدنا على سماعه، وينقلنا جميعا عبر الطريق الذي ننتمي إليه، وبعبارة وايتمان: الطريق أمامنا ... لا تحبس نفسك.

* رودريغز مدير برنامج أصدقاء كاليفورنيا في مؤسسة أميركا الجديدة .

 * خدمة «لوس أنجليس تايمز»

خاص بـ«الشرق الأوسط»