سياحة تكاملية لا تنافسية

TT

كان معاوية بن أبي سفيان يغبط عامله في الحجاز لأنه يشتي في مكة، ويربع في جدة، ويصيف في الطائف، والحق أن أجمل شتاء يمكن أن يقضيه الإنسان في مكة المكرمة، فشتاؤها أشبه بالربيع في غيرها، وقد قضيت من عمري عشر سنوات في مكة أنعم بأجمل وأحلى فصول الشتاء، وسأتجاوز ربيع جدة إلى صيف مدينة الطائف، التي اعتاد السعوديون أن يقضوا صيفهم في رحابها، وهم ينعتون الطائف بالمأنوس لما كان يشهده صيفها من تدفق للمصطافين من مختلف مناطق السعودية، حينها كانت الطائف تتحول إلى مهرجان فرح ينعم بالأنس والناس، فتشهد بساتينها حفلات الغناء، والمجرور، والعرضة، ويتعالى في ليل مقاهيها غناء «الصهبة»، و«اليماني»، وعبير الحكايات.. وكان ذلك يحدث تلقائيا في الطائف، وقبل أن تكون لدينا برامج للتنشيط السياحي أو حتى فكرة لتنمية السياحة الداخلية..

اليوم كل الأجهزة المسؤولة في الطائف مطالبة بإعادة الطائف إلى موقعها على خارطة السياحة الداخلية خلال فصل الصيف، وهم يدركون على وجه اليقين أن الطبيعة لا تكفي وحدها لجذب السائح، ولكن ما يضيفه الإنسان إلى جماليات الطبيعة من خدمات سياحية، في مقدمتها الجانب الترفيهي، فالطائف تحتاج إلى مسابقات رياضية، ومسارح صيفية، ومهرجانات فنية، وأنشطة ثقافية وغير ذلك من أدوات الجذب السياحي..

ومما يمكن أن يشجع على عودة الطائف إلى المكانة التي تستحقها على خارطة السياحة الداخلية، أن تتحول برامج السياحة في محافظات منطقة مكة المكرمة إلى سياحة تكاملية بدلا من أن تكون سياحة تنافسية، من خلال تقديم عروض متكاملة تمكن السائح من الانتقال بين المدن الرئيسية الثلاث مكة المكرمة، وجدة، والطائف، وأن تنسق الفعاليات بين هذه المدن وفق برامج زمنية متتابعة، بصورة تمكننا من أن نقدم للسائح فرصة الزيارة للمدن الثلاث في رحلة واحدة.

وكم أتمنى أن أقرأ في صحفنا وسط كم الإعلانات التي تقدم عروض الرحلات الخارجية، إعلانات مماثلة تقدم عروضا لرحلات داخلية محددة التكلفة وواضحة البرامج، كأن تقدم أسبوعا في أبها، أو الباحة، أو عشرة أيام في مكة المكرمة وجدة والطائف بمبلغ كذا، بدلا من ترك السياحة الداخلية تصطدم بالكثير من العشوائية نتيجة غياب مثل هذه البرامج المنظمة والمحددة سلفا..

فهل نفعل؟

[email protected]