حاولوا فك هذه الألغاز؟

TT

من مخزونكم الثقافي، أو من دماغكم المغسول دائماً بصابون الدعاية، أجيبوا عن أسئلتي البسيطة:

من القائل: نريد رعاية أميركية للمفاوضات السورية ـ الإسرائيلية؟

ـ مسؤول إسرائيلي

ـ مسؤول في مكتب أبو مازن

ـ مسؤول أوروبي

الحقيقة ان القائل هو الجانب السوري، ولم ندرجه لأنه خارج المألوف. ومن لم يقرأ التصريحات المدفونة في بطن الجرائد لن يصدق ان دمشق هي التي طلبت رعاية اميركية لمفاوضاتها الحالية مع إسرائيل عبر تركيا. موقف فيه انقلابٌ على ما تعودنا على سماعه عن رفض الدور الأميركي والإصرار على وسيط روسي أو على الأقل أوروبي غير بريطانيا.

تخيل.. من الذي تعاون مع إسرائيل في نفس الأسبوع الذي أعلنت فيه عن بناء مستوطنة في القدس؟

ـ السلطة الفلسطينية

ـ الاردن

ـ الولايات المتحدة

كلها خاطئة، الإجابة هي حزب الله. فالتنظيم الأصفر تلطف بتسليم الإسرائيليين خمس جثث للعدو مقابل أسير واحد أطلقت إسرائيل سراحه بعد ان انتهت مدته، وعدا انه لبناني فهو من أم يهودية ومتزوج من إسرائيلية. عملياً إسرائيل استردت الجثامين الخمسة مجاناً، وهي التي اعتادت على مقايضة كل عظم بعشرة أسرى عرب، لكن ستسألون لماذا نربط بين الاثنين، المستعمرات ورد الجثامين؟ السبب بسيط لأن حزب الله أصدر بيانا استنكر فيه «الموقف الخجول للأمم المتحدة إزاء إعلان إسرائيل بناء أكثر من 400 منزل في محيط القدس. طبعا معه كل الحق في لوم بان كي مون، لكن ماذا عن الذي يهدي الإسرائيليين الجثامين في نفس الأسبوع، ومجاناً؟

من هو صاحب التصريح التالي: ان إطلاق الصواريخ باتجاه المعابر عمالة؟

ـ محمد دحلان

ـ صائب عريقات

ـ أحمد أبو الغيط

القائل هو إسماعيل هنية.. شخصياً!

سبحان الله عندما كان يصرح الرئيس محمود عباس بأن إطلاق حماس الصواريخ باتجاه القرى الإسرائيلية خطأ، لاحظوا أدبه وخجله، لأن تلك الصواريخ الطفولية لا تضر إسرائيل، بل تسبب الحصارَ والأذى للمواطنين الفلسطينيين في غزة.. عندها كان يرد عليه قادة المقاومة الباسلة في حماس باتهامه بالتخاذل أمام العدو. وقبل أيامٍ كان قد أعلن مسؤول حماس خالد مشعل في طهران، بعد الجرعة التشجيعية من مرشد إيران، انه سيتم ضرب المعبر المصري، واليوم يعتبر مسؤول حماس هنية ان ضرب المعبر مع إسرائيل عمالة.

مع هذا انسوا السخرية وصدقوني أن سورية محقة في طلب الرعاية الأميركية لمفاوضاتها مع إسرائيل، لأنها الطرف القادرُ على الضغط. وحزب الله محق في تسليم خمس جثث لإسرائيل لأنه يريد مساعدة حليفه السوري في مفاوضاته مع الإسرائيليين. كما أراد إرضاء الحليف السوري بضرب بيروت السنية والجبل الدرزي. وهنية، هو الآخر محق في وصف مَنْ يضرب الإسرائيليين بالصواريخ بالعمالة لأنهم، أيضا، يفسدون على حليفه السوري مفاوضاته.

باختصار هذه سياسة، لا يوجد فيها حق أو باطل، ولا وطنية أو عمالة. فالسياسة ليست مثل القرآن، بل أمورها متغيرة حسب الظروف والحاجة والخلافات، وفوق هذا المصالح الضيقة.

[email protected]