منطقي هو اللا منطق!

TT

أترجم عن الإيطالية من كتاب الأديبة الرومانسية ألبرنتينا ياكفالو. الكتاب يمكن أن يكون عنوانه «تهاويم جادة أو هذا الغموض الناصع».. تقول: «أمسكت القلم لكي أقول لك أين أنا. أنت تحب الوضوح لأنك منطقي ولكن الشعراء منطقيون أيضاً. وهم واعون لما يفعلون حتى لو تصنعوا الذهول، فالأديب دستويفسكي لم يكن أبله عندما صور «الأبله» في روايته الرائعة. ولا كان مجرماً عندما وضع مبادئ علم النفس الجنائي في روايتيه: «الإخوة كرامازوف»، و«الجريمة والعقاب». ولا أظن الأديب اليوناني كازانتراكيس كافرا عندما كتب رواية «إعادة صلب المسيح». إنهم بمنتهى العقل يفقدون العقل ويصورونه.. ولكني يا حبيبي لست كذلك. فأنا في هذه اللحظة لا أعرف أين أنا.. ولا فرق بيني وبين هذه الشجرة وهذه النافذة التي أنظر منها. إنها قد اتسعت كأنها عيني أو أن عيني كأنها نافذة. ولا أعرف إن كنت أنظر إليها، أو هي التي تتأملني، فأنا والكون شيء واحد، أنا الضباب.. أنا الندى أنا المطر.. أنا النجوم.. وأنا برودة الليل وأنا الليل.. وأنا في يقظة كأنها النوم وفي نوم كأنه اليقظة.. أنا لا أتلاعب بالكلمات ولا بالمعاني، فأنا إحدى مفردات الكون.. فالكون يكتب بيدي على الورق.. أو أنا أجدني أكتب.. إنني قلب الدنيا والدنيا تبحر في عروقي، وأنت تندهش كثيراً عندما تجد خطاباتي بلا إمضاء.. اعذرني فأنا لا أعرف من الذي كتب لي. أو ما الذي كتبته على الورق.. غير منطقية؟ أعرف ذلك. ولا أشعر بالخجل والفرق بيننا كبير. أنا الكون وأنت تتسلح لتتفرج على الكون.. أنت تطلب من الكون أن يقف طابورا وتنادي على المعاني واحدة واحدة. ثم تعيد ترتيبها.. أنت منطقي أما أنا فلست كذلك! أي منطق في أن أحبك يا حبيبي. أي منطق في أن أحب من لا يعرف الحب.. ولا يهمه أن يعرف هذا، هو منطقي: أن أحب أن أقول ولا يهمني الصدى. أنا أكبت ولا يشغلني أن تقرأ أو أن يقرأ أي أحد.

وقبل أن أنهي هذا الذي قلت: أترك لك عنواني ورقم تليفوني.. ومن المؤكد أنك لن تجدني في انتظارك».. معك حق..!