البشر أم الديناصورات؟

TT

سؤال: ما الذي يشترك فيه كل من المستثمر الأميركي الرائد وارين بافيت والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد؟ الإجابة: لقد راهن كلاهما على مستقبل إسرائيل.

لقد أعلن أحمدي نجاد يوم الاثنين أن إسرائيل «وصلت إلى مرحلتها الأخيرة وسوف تزول عما قريب من الخريطة».

وللمصادفة، فإنني سمعت مقالة القائد الإيراني على راديو إسرائيل بينما كنت أغادر المقر الرئيسي لـ«إسكار» وهي شركة إسرائيلية شهيرة تشتهر بصناعة العديد من الأشياء في الجليل الغربية بالقرب من الحدود اللبنانية.

وقد دفع بافيت 4 مليارات دولار لشراء 80% من «إسكار»، وتم عقد هذه الصفقة قبل أيام قليلة من هجوم حزب الله على إسرائيل في يونيو 2006، مما أشعل الحرب لمدة شهر. وقد سألت رئيس مجلس إدارة «إسكار»، إيتان ورثمير، عن رد فعل بافيت عندما اكتشف أنه دفع 4 مليارات دولار مقابل شراء شركة إسرائيلية تصل صواريخ حزب الله إلى فنائها الخارجي. لقد اتصل بافيت بإيتان ورثمير قائلا له: «إنني غير مهتم بالربع التالي من العام. إنني مهتم بالعشرين سنة المقبلة». وقد استغل ورثمير هذه الثقة وطلب من نصف الموظفين البقاء في منازلهم، بينما يقوم النصف الآخر بتشغيل المصنع حتى لا يتوقف العمل عن العمل.

فمع من نضع مالنا إذا؟ مع بافيت أم أحمدي نجاد؟ لا شك أنني سوف أختار الأول. لماذا؟ تبدو إسرائيل في ظاهر الأمر وكأنها تعاني من أزمة، بسبب تعرض القيادة السياسية للتحقيق. لكن إسرائيل دولة ضعيفة ومجتمعها المدني قوي. كما أن الاقتصاد يزدهر بمعدل كبير. وقد زادت قيمة الشيكل بنحو 30% أمام الدولار منذ بداية عام 2007.

والسبب؟ إن سكان إسرائيل ترجع أصولهم إلى 100 دولة مختلفة، ويتكلمون 100 لغة مختلفة وثقافتهم التجارية تشجعهم بقوة على التخيل الشخصي والإبداع. وقد تحول الاقتصاد الإسرائيلي من الاعتماد على البرتقال إلى الاعتماد على البرامج.

وفي اليوم الذي زرت فيه شركة «إسكار»، كانت إحدى القاعات مليئة برجال الصناعة من جمهورية التشيك، وقد كانوا يتلقون محاضرة باللغة التشيكية من خبراء «إسكار». لقد أتى التشيكيون من آخر العالم إلى الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية ليتعلموا من الإسرائيليين. ويشتهر ورثمير بقربه من العملاء واطلاعه على آخر التقنيات. وهو يقول دائما: «إذا كنت تنام على الأرض، فإنك لن تخشى الوقوع من السرير».

وهذا النوع من الجوع يفسر السبب في أنه خلال الربع الأول من عام 2008، كانت الاقتصادات الأربعة الأولى بعد اقتصاد الولايات المتحدة في اجتذاب رؤوس الأموال على التوالي: أوروبا 1.53 مليار دولار، والصين 719 مليون دولار، وإسرائيل 572 مليون دولار، والهند 99 مليون دولار، حسب إحصاءات داوجونز. فإسرائيل التي يبلغ عدد سكانها نحو 7 ملايين نسمة قد جذبت رؤوس أموال تقارب تلك التي جذبتها الصين التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة.

وقد أخبرني بوعاز غلوني الذي يرأس القسم الهندسي في شركة تكنيون بقوله: «خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، كان لدينا وفود من شركة آي بي ام وجنرال موتورز وبروكتر آند غامبل وولمارت. وهم جميعا يطمحون إلى العمل في إسرائيل».

لكن أحمدي نجاد يعترف بعدم اهتمامه بهذه الأشياء. ولأن أسعار البترول قد قاربت 140 دولارا للبرميل، فإنه يشعر بالارتياح لتوقع زوال إسرائيل، بينما تحقق إيران الرفاهية بمعدل البطالة الذي يبلغ 10 بالمائة.

فإيران لم تخترع أي شيء مهم منذ الثورة الإسلامية. ومن الناحية التاريخية فإن الإيرانيين كانوا أصحاب حضارة كبيرة وكانوا شعبا مبدعا، ويمكننا النظر إلى الحضارة الفارسية القديمة لمعرفة ذلك.

وبالطبع فإن ثروة البترول يمكن أن تشتري كل البرامج والتقنيات النووية التي ترغب فيها إيران أو التي لا تستطيع تطويرها. فهذه مسألة يجب ألا تقلق منها إيران. ولكن على أحمدي نجاد أن يقلق منها.

إن الاقتصاد والجيش الإيراني يعتمدان اليوم بصورة كبيرة على استخراج البترول من باطن الأرض. لكن اقتصاد وجيش إسرائيل يعتمدان اليوم على استخراج الذكاء من الشعب اليهودي. إن قوة الاقتصاد الإسرائيلي متجددة. أما الاقتصاد الإيراني فإنه يتضاءل لأنه يعتمد على البترول الذي خلفته الديناصورات.

فمن سيفوز بعد 20 سنة؟ إنني مع بافيت: وسوف أراهن على الشعب الذي يراهن على نفسه، وليس الشعب الذي يراهن على الديناصورات الميتة.

* خدمة «نيويورك تايمز»