في الضيافة الضوئية

TT

أثار الدكتور عبد الله الجاسر وكيل وزارة الإعلام السعودية عاصفة من الردود في السعودية بسبب قوله إن الكثير من الخواء يخيم على المناخ الثقافي، وافتقاده لمقدمي ومقدمات البرامج التلفزيونية، الذين واللواتي يقاطعون ويقاطعن الضيوف ويحاولون ويحاولن الظهور أمام المشاهد بأنهم يعرفون وأنهن يعرفن أكثر من ضيوفهم وضيوفهن.وقد مضى على الجاسر في العمل الإعلامي نحو ثلث قرن ويحمل الدكتوراه في المادة من الولايات المتحدة. وكان يجب بعد كل هذه الخبرة أن يتذكر بأن الإعلاميين يعطون أنفسهم الحق في نقد جميع الناس ولا يتقبلون ملاحظة واحدة، فكيف إذا كانت حالة سائبة من حالات التخلف المهني. ومن جملة مآسي العمل التلفزيوني في العالم العربي، جهل الفارق الهائل بين الشجاعة المهنية والوقاحة الفائقة، وبين الإعداد الحرفي الضروري والتعالي الفارغ، خصوصا، مع الأسف، في الجناح النسائي من أصحاب المقابلات.

يقتضي الأدب والمهنية واحترام قواعد المقابلة، معاملة الضيف على أنه صاحب الجواب. وليس إهانة للمضيف على الإطلاق أو تقليلا من قدره، أنه هو الذي يطرح السؤال. وإذا كان يعرف السؤال والجواب معاً فما هي الحاجة الى الضيوف، خصوصا أن نصفهم على الأقل يمكن الاستغناء عنه، دون أن يؤثر ذلك في حياة البشرية أو ثقب الأوزون. ولكن طبعا هناك ساعات يجب أن تُملأ وهناك ضيوف ومقدمات برامج تسر بهم أمهاتهم، ولكل امرئ حرية استخدام «الريموت».

هناك شيء يسمى «عقدة بربارة والترز». كل امرأة ظهرت على التلفزيونات العربية أرادت أن تكون في جرأة بربارة والترز. ولم يستطع أحد إقناع المقدمات العزيزات بأنهن لسن بربارة والترز وضيوفهن ليسوا ريتشارد نيكسون وجمهورهن ليس نحو 150 مليون أميركي. ثم هناك استحالة إنسانية تحول دون أن تكون كل جالسة في الأستوديو بربارة والترز. هذا إذا كان أسلوب والترز يستحق التقليد والنقل الى العالم العربي، حيث تختلف الأصول والقواعد. أقول ذلك من معاناة شخصية، كمشاهد وكضيف. وقد حدث أن كنت أخيرا ضيفا على إحدى عبقريات الشاشة. وكان أول ما فعلته بعد نهاية البرنامج، خوف النسيان، أنني أقسمت على ألا أقبل كرمها وضيافتها مرة أخرى.