الفرع اللبناني لاستديوهات مصر

TT

كان يحلو ليوسف شاهين أن يجيب عندما يسأل إن كان لبنانيا، «أبدا. أنا زحلاوي مش لبناني». وزحلة هي المدينة التي اشتهرت بالمفاخرة وبنهر البردوني الذي أقيمت حوله المقاهي وبقصيدة شوقي التي غناها عبد الوهاب، ثم فيروز: «جارة الوادي».

جاء يوسف شاهين إلى زحلة قبل سنوات قليلة، وتعرف إلى أرض والديه، وأحيط الناحل السريع العطب باستقبال على الطريقة الزحلاوية: دبكة، ودلعونة، والكثير من الميجانا.

وفي الصيف نفسه جاءت إلى المدينة، متخفية بادئ الأمر، زحلاوية أخرى هي المطربة «شاكيرا» التي أرادت كذلك أن تشاهد منزل الوالدين.

وعندما عرف بها الزحلاويون عقدوا حولها رقصات الدبكة وملأوا مقاهي البردوني هتافا وقصائد تتغنى بزحلة «أم الدنيا عموم»، كما كان يسميها نجيب حنكش صاحب «اعطني الناي وغني» التي أنشدتها من بعده فيروز أيضا. إذ يدخل المخرج المصري وأحد رواد الحداثة السينمائية، عالم الغيبوبة وعتبة الغياب، يتذكر المرء أن زحلة صدَّرت إلى استوديوهات مصر اثنين من ألمع الأسماء: يوسف شاهين، الذي يناديه الفنانون «جو»، كما قال مرة نور الشريف، وعمر الشريف، الذي اتخذ اسمه بعدما أشهر إسلامه، إذ حتى زواجه من فاتن حمامة كان يحمل اسم ميشال شلهوب، الذي هاجر والده من زحلة إلى مصر، ليصبح من كبار تجار الأخشاب في الإسكندرية.

والد يوسف شاهين كان محاميا. ووالد شاكيرا تاجر مجوهرات رافقها إلى زحلة بحثا عما بقي له من ميراث عن أبيه. فأبلغته الدائرة العقارية أن مجموع ثروته يبلغ 43 مترا مربعا. وفي السينما الأميركية زحلاوي آخر من مشاهير هوليوود هو طوني شلهوب بطل المسلسل الكوميدي «مونك».

وثمة فنانة زحلاوية أخرى وسيدة من سيدات الميجانا والعتابا هي المغنية نجوى كرم، التي لم تهاجر ولم تسافر، بل ظلت في العالم العربي تتحدى بعض نواب الكويت الذين أسهموا في الحياة الديموقراطية بتقديم مشروع قرار ضد الأجر المرتفع الذي تتقاضاه. لم تكتف زحلة بإعطاء الفنانين. أعطت أيضا الرئيس الراحل الياس الهراوي وقدمت للخارجية أكبر عدد من السفراء والديبلوماسيين وعرفت بـ«الكلية الشرقية» أحد أهم معاهد لبنان، ومنها الشعراء العمالقة الكبار وسعيد عقل الذي تحدث في الثمانينات إلى «النهار العربي والدولي» عن والده الزحلاوي ووالدته القادمة من بلدة بكفيا، فقال إن أمه كانت سيدة جميلة ومثقفة، أما الوالد العزيز فكان يجيد شيئا واحدا: اللغة الزحلاوية. والذين عرفوا الرئيس الهراوي يعرفون ما أعني.