وسيط مشتريات

TT

أهداني أحدهم ساعة (رولكس)، وفرحت بها جداً وشكرته، حيث إنني في الواقع من هواة جمع الهدايا الثمينة، تماماً كهواة جمع الطوابع.. غير أنه للأسف لم يتركني أفرح بها بما فيه الكفاية، لأنه في اليوم التالي أخبرني أنها (مزّيفة).

وحقدت عليه حقدين؛ أولا: لأنه خدعني ولم يقدرني حق قدري، وثانيا: لأنه تسرع بكشفه لي الحقيقة، فكان من المفروض أن يتركني على الأقل لمدة لتأخذ الفرحة مداها عندي، وتكون حرزانة. ومن مساوئي التي لا أنكرها أنني سريع التأثر والتقليد، لهذا سألته عن مصدر تلك الساعة المزيفة والبخسة الثمن، وعندما عرفت مصدرها لم أتورع من شراء مجموعة منها (بتراب الفلوس)، ورحت أقدمها لمن يتوسمون بي خيرا كهدايا، لا (كرشاوى) والعياذ بالله.

وسعدت جداً بتشكراتهم، وسعدت أكثر بدعواتهم بأن يوسع الله لي، ويفتح بوجهي أبواب الرزق، ويجمع حولي البطانة الصالحة. ولم أفعل مثلما فعل من أهداني (الرولكس)، فلم أخبرهم بحقيقة الهدايا لكي لا أصدمهم، ولكي أجعل فرحتهم تستمر كذلك أطول مدة ممكنة، وهناك احتمال أنني سوف أكشف لهم الحقيقة بعد سنة وسبعة أشهر من الآن، هذا إذا أنبني ضميري.

وبما أن هذا الموضوع استهواني، فرحت أسأل وأنبش عن خفاياه، ووجدت أن تايوان وإيطاليا كانتا من أوائل من برعوا به وصدّروه، وبعدها كرت السبحة وتبعتها هونع كونغ وكوريا الجنوبية والهند وكل دول جنوب شرقي آسيا تقريباً، وأخيراً دخلت الصين هذا المضمار بكل ثقلها.

التزييف والتقليد (على قفا من يشيل) مثلما يقول إخواننا أهل مصر، وأكبر دلالة أن (فوانيس رمضان) التي يلعب بها الأطفال منذ مئات السنين كسدت صناعتها في مصر وأصبحت تأتي لهم من الصين، حتى تقليد وصناعة الآثار والتماثيل الفرعونية أصبحت تعرض في خان الخليلي على أنها مصرية، مع أن الذين عملوها هم أصحاب (العيون الضيقة المشقوقة)!.. وإذا كنتم لا تصدقونني فاسألوا خبير الآثار العالمي (زاهي حواسّ).

ماذا أحكي وأقول لكم وأنتم تشاهدون هذا (الاجتياح) الهائل في كل الأسواق من جميع الماركات، من شانيل إلى نينا ريتشي، إلى باكو رابان، إلى ليوفيتون، إلى اديداس، إلى سيكو، إلى كارتييه، إلى قطع غيار مقلدة للسيارات، بل إن طائرة هليكوبتر سقطت بسبب قطعة غيار مزيفة.

وقد علمت من مصدر موثوق في علم (الغش)، أنه في الصين يقلدون ويصنعون حتى سيارة (الرولز رويس) حسب الطلب، مكمّلة ملمّعة مقززّة مهندسّة من مجاميعه، وإذا كان سعر السيارة الأصلية في السوق مثلا هو (200 ألف دولار)، فسعر المقلدة هو (40 ألفا) فقط لا غير، و«ولد أبوه اللي يقدر يكتشفها»، بل إنهم يراهنون أنه لن يستطيع أن يفرقها عن السيارة الأصلية إلاّ خبير متخصص في صناعة (الرولز رويس)، ومعه (عدسة مكبرّة).. وإنني بهذه المناسبة المباركة أعرض خدماتي على أي شخص يريد أن يقتني أي نوع من أفخر السيارات وسوف أؤمنها له بأقل من ربع سعرها الأصلي، حيث إنني بطرقي (اللولبية) الخاصة أعرف مصدرها، وشروطي ومتطلباتي متواضعة جداً، وهي لا تزيد عن عمولة (2.5%)، مع السماح لي بأن ألف (وأكشخ) بأي سيارة منها لمدة يومين كاملين، وبجانبي على المرتبة (حية رقطاء) تتغزل بي بأبيات من الشعر النبطي.

[email protected]