ليلى

TT

ليلى اسم لوقعه على الأذن شيء من الموسيقى، في نطقه تنفرج الشفاه، وتبتسم الثغور، ويزغرد الصوت: «لي/لا».. وهذا الاسم رمز لكل أنثى، فكل معشوقة هي ليلى، وكل يبكي على ليلاه:

«دعا باسم ليلى غيرها فكأنما

أطار بليلى طائرا كان في صدري».

تقول معاجم اللغة في معنى ليلى: إنها نشوة الخمر، أو السواد الشديد، أو الليلة الظلماء، ولكن ليلى في معجم الوجدان هي رمز العشق والكبرياء.. وإذا كان لكل اسم سمات سيكولوجية فإنه يمكن القول بأن كل ليلي ـ باستثناء ليلى العامرية المستضعفة التي خذلت مجنونها ـ ثائرة، مغامرة، جريئة، ومقدام..

وبين كل ثنائيات الحب الشهيرة: جميل وبثينة، وكثير وعزة، وقيس وليلى، يظل دور المرأة في قصة ليلى الأخيلية وتوبة الخفاجي الأكثر جرأة، وفعالية، وثقة في النفس، فليلى الأخيلية امرأة أعلنت حبها على رؤوس الأشهاد، ودافعت عنه أمام الحكام والجبابرة، فقد سألها عبد الملك بن مروان:

ـ ما رأى منك «توبة» حتى عشقك؟

فلم يرهبها السؤال، وردت في كبرياء ملغومة:

ـ «ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة».

وسألها الحجاج، وما أدراك ما الحجاج:

ـ أي ريبة بينك وبين «توبة»؟

فقالت: «لا والذي أسأله أن يصلحك. وأنشدت:

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها

فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه

وأنت لأخرى فارع وحليل».

ولو أحصي حضور اسم «ليلى» في الشعر العربي لشكل وحده أكبر دواوين العرب، فكل القصائد من غير ليلى فارغة:

«من لي بحذف اسمك الشفاف من لغتي

إذا ستمسي بلا ليلى حكاياتي»

ولو أردنا أن نمضي في استقصاء اسم ليلى لمررنا على الكثير من «الليالي»، وكل واحدة منهن قادرة على إغراء فراشات الكلام لتحلق في اتجاهها، ولذا نختزل كل «الليالي» هنا بـ«ليلى»، تلك التي تجعل القلب يخالف عهوده..

«ألستَ وعدتَني يا قلبُ أنّي

إذا ما تبتُ عن ليلى تتوبُ

فها أنا تائب عن حب ليلى

فما لك كلما ذُكِرَتْ تذوبُ؟!».

[email protected]