وصل وزراء الإعلام متأخرين

TT

ولدت أول محطة فضائية عربية، إم بي سي، قبل 17 سنة، وتكاثرت كالفطر حتى لم يعد احد يعرف اليوم على وجه الدقة كم عدد المحطات التي تبث باتجاه المنطقة العربية، الا انها فوق الخمسمائة.

ورغم ان الحديث عن منع الفضائيات بدأ منذ اول يوم هربت فيه الصحون اللاقطة للفضائيات، الا ان وزراء الاعلام العرب قرروا الآن صياغة ميثاق لاخضاع المحطات لقوانينهم وتحت سلطتهم، ولو فعلوا ثقوا بأنهم سيفشلون.

فهم استيقظوا متأخرين بعد ان امتلأت سطوح المدن والقرى بالصحون، لكن المحفز الآن ان «الضرر» أصاب اغلبية الحكومات، بعد ان كانت الفضائيات تستهدف في هجومها حكومات قليلة منتقاة. اليوم صار لكل معارضة محطة، وهناك معارضة لكل حكومة. وصار هناك غطاء للشكوى فلم تعد سياسية ولا حكومية فقط، كثير من المؤسسات المختلفة صارت تطالب بالتدخل. فقد ظهرت محطات لمحتالين لا يبيعون برامج سياسية فقط، بل يؤجرونها لنصابين يدعون الطب، يدعون علاجات السرطان ويقرأون البخت بمبالغ طائلة. وشكوى تحذر من حروب فضائية بين اتباع الاديان، شيعة وسنة ومسيحيين، وهناك شبه معارك كلامية بين القبائل عبر الشعر والنثر.

وهذا ما وسع دائرة الراغبين في تأسيس سلطة اعلامية جماعية عربية للامساك بالفضاء المفتوح، أمر اغرى كل وزراء الاعلام العرب، بمن فيهم الذين يجهرون بالرفض، للقيام بحملاتهم بمنع المحطات المعادية تحت مبررات جيدة أخرى.

الا ان الوزراء الاكارم ليس من عادتهم النقاش بصراحة كافية فيكتفون بحديث العموميات، وبلغة مليئة بالتورية. فالمشكلة سياسية، وهي الدافع الأول وراء رغبتهم في القبض على ناصية الفضائيات، لكن معظم المحطات محسوبة على الحكومات، او ميليشيات موالية لحكومات، فمن يقرر وأي محطة؟

أيضا، كما لا يوجد هناك اتفاق على السياسة فانه لا يوجد اتفاق على معنى كلمة العيب او ما لا يجوز. فبعضهم يعتبر محطات الرسائل الهاتفية الغزلية مرفوضة لاسباب اخلاقية، وآخر يرفضها لانه يراها سرقة مالية. وهناك خلاف على الاباحية التي استخدمت في بعض البيانات الرسمية. البعض يريد إلباس المحطات حجابا دينيا، وآخرون يعتبرون ان البكيني للسباحة حدهم الادنى.

ولو افترضنا ان الوزراء سكتوا على محطات بعضهم، ووجهوا جهدهم لتنظيف الهواء العربي من محطات محتالي الطب فقط، تبقى المشكلة انهم لا يملكون وسيلة المنع. فكل من يغلق دكانه على قمر ما سيتجه الى استئجار دكان على قمر خارجي آخر، وهكذا، ولو طردوا من كل الاقمار الصناعية الحالية، فانهم سيجدون تجارا يطلقون اقمارا جديدة. وبالتالي المسألة خارج السيطرة وعلى الوزراء ان يعرفوا حدود سلطتهم ولا يملكون سوى تحسين ادائهم ليكون خير وسيلة للدفاع بدل ملاحقة المحطات الشريرة.

[email protected]