زوبعة التغيير في فرنسا

TT

تذكر ذلك يا رئيس الولايات المتحدة الأميركية: ربما تندم على الأشياء التي لم تستطع الانتهاء منها خلال فترة رئاستك، لكن الفائزين فقط مثلك ومثلي هم الذين يملكون فرصة تغيير أممهم.

وقد اختتم نيكولا ساركوزي حفل عشاء لوداع جورج بوش الأسبوع الماضي بذلك المزيج من المواساة والإطراء. وأنا أعيد صياغة كلمات الرئيس الفرنسي لنركز على المعنى الجوهري لها، والتي تنبئنا بالكثير عن قائلها وليس عن الضيف الزائر وماضيه.

وفي فرنسا اليوم، ليست هناك سياسة. بل هناك نيكولا ساركوزي فقط. فهو يحتكر السياسة، ويدمج بينها وبين الثقافة والتجارة مثلما فعل من قبله في العديد من الدول.

وهو يقول معبرا عن رغبته التي لا تنتهي في تحويل مجتمعه التقليدي: «إن فرنسا تتحرك سيدي الرئيس. فرنسا تتغير». لكن ساركوزي يستخدم تعبيرات تعبر عن شخصيته أكثر مما تعبر عن فرنسا.

فقد كانت حاجته للتغيير وإعطاء التوجيهات للآخرين واضحة وهو يقود الرئيس بوش بحماس من طاولة إلى أخرى ليصافح ضيوفه الذين قد يزيدون على 100 في قصر الإليزيه.

وفي لحظة ما، قال الرئيس الأميركي: «انتظر لحظة.. إننا لم نرحب بهؤلاء الضيوف هناك».

وقد أخبر مضيفه بألا يتسرع في كتابة نعيه السياسي، حيث قال: «لدي ستة أشهر ولدي الكثير من العمل لأقوم به». وبينما لم ينجح ساركوزي في تغيير الكثير في فرنسا بعد، فإنه قد قام بتغيير أساليبه في الفترة القصيرة الماضية، ومنها أسلوبه مع الجمهور الذي لا يبدي الكثير من السعادة. وقد ساعد ساركوزي مع زوجته في رفع شعبية بوش من 30 في المائة إلى 40 في المائة.

وقد أعلن ساركوزي عن التزامه الصارم بإعادة فرنسا إلى الهيكل العسكري لحلف الناتو كجزء من التغييرات الجذرية التي ستشهدها سياسة الدفاع في فرنسا منذ عهد ديغول.

ويأمل ساركوزي أن تحل المعارك السياسية بشأن هذه الأمور محل المعارك الخاصة بحياته الشخصية. فقد كان طلاقه من زوجته السابقة في أكتوبر الماضي وزواجه من بروني في فبراير، وجبة دسمة للإعلام الفرنسي.

ويقول فيليب لابرو وهو كاتب ومعلق يمتدح طموح بروني ومهاراتها التسويقية في إعادة ساركوزي إلى الطريق الصحيح: «إن قصر الإليزيه أصبح مسرحا لمسرحية «الزوجات البائسات»، ويبدو أنها تعمل على تهدئته وتسهم في لمعان الصورة الرئاسية».

أما فيما يتعلق بالجيش، فإن الجيش ستوكل إليه مهمة تحديد ومحاربة الشبكات الإرهابية في الداخل وفي أفريقيا، كأولوية أولى، بدلا من التركيز على الدفاع الإقليمي. كما سيتم إغلاق القواعد الزائدة عن الحاجة وسيتم تأجيل صناعة حاملات الطائرات الجديدة المكلفة وتصنيع الطائرات الحربية الجديدة لتمويل إعادة هيكلة وتوزيع قوات التدخل السريع على مستوى العالم. وقد أعلن ساركوزي أن فرنسا «سوف تشارك الآن تماما في حلف الناتو». ويأتي ذلك الإعلان بعد أربعة عقود من انسحاب ديغول من هيكل قيادة الحلفاء وإصداره أمرا بإخراج القوات الأميركية من الأراضي الفرنسية. ومن الخطوات المهمة التي سيتخذها ساركوزي، تبني تقرير لجنة 11 سبتمبر قبل أن تقع أحداث 11 سبتمبر فرنسية أخرى. إنه يعطي فرنسا وحلفاءها التغيير الذي يجب أن يؤمنوا به وأن يعملوا على تحقيقه.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»